«وقيل للذين اتقوْا» الشرك «ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً للذين أحسنوا» بالإيمان «في هذه الدنيا حسنة» حياة طيبة «ولدار الآخرة» أي الجنة «خير» من الدنيا وما فيها قال تعالى فيها «ولنعم دار المتقين» هي.
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
[ الفرق بين الوارث المحمدي وباقي ورثة الأنبياء عليهم السلام ]
-الوجه الأول -من جمع الإحسان والتقوى كان اللّه معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد اللّه كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه اللّه به لا يعود على اللّه من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك
- الوجه الثاني -إن اللّه مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان .
(17) سورة الإسراء مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(128) الفتوحات ج 1 /
549 - ج 4 /
360
هذا خبر عن السعداء ، بخلاف ما أخبر به عن الأشقياء ، فإن أولئك قيل لهم : ( ماذا أنزل ربكم ) فقالوا معرضين عن الجواب : لم ينزل شيئا ، إنما هذا أساطير الأولين . وهؤلاء ( قالوا خيرا ) أي : أنزل خيرا ، أي : رحمة وبركة وحسنا لمن اتبعه وآمن به .
ثم أخبروا عما وعد الله [ به ] عباده فيما أنزله على رسله فقالوا : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ) كما قال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) [ النحل : 97 ] أي : من أحسن عمله في الدنيا أحسن الله إليه في الدنيا والآخرة .
ثم أخبر بأن دار الآخرة خير ، أي : من الحياة الدنيا ، والجزاء فيها أتم من الجزاء في الدنيا ، كما قال تعالى : ( وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير ) [ القصص : 80 ] وقال تعالى : ( وما عند الله خير للأبرار ) [ آل عمران : 198 ] وقال تعالى ( والآخرة خير وأبقى ) [ الأعلى : 17 ] وقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) [ الضحى : 4 ] .
ثم وصفوا الدار الآخرة فقالوا : ( ولنعم دار المتقين )
قوله تعالى {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} أي قالوا : أنزل خيرا؛ وتم الكلام. و {ماذا} على هذا اسم واحد. وكان يرد الرجل من العرب مكة في أيام الموسم فيسأل المشركين عن محمد عليه السلام فيقولون : ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون. ويسأل المؤمنين فيقولون : أنزل الله عليه الخير والهدى، والمراد القرآن. وقيل : إن هذا يقال لأهل الإيمان يوم القيامة. قال الثعلبي : فإن قيل : لم ارتفع الجواب في قوله{أساطير الأولين} [
النحل : 24] وانتصب في قوله {خيرا} فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل، فكأنهم قالوا : الذي يقوله محمد هو أساطير الأولين. والمؤمنين آمنوا بالنزول فقالوا : أنزل خيرا، وهذا مفهوم معناه من الإعراب، والحمد لله. قوله تعالى {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} قيل : هو من كلام الله عز وجل. وقيل : هو من جملة كلام الذين اتقوا. والحسنة هنا : الجنة؛ أي من أطاع الله فله الجنة غدا. وقيل {للذين أحسنوا} اليوم حسنة في الدنيا من النصر والفتح والغنيمة {ولدار الآخرة خير} أي ما ينالون في الآخرة من ثواب الجنة خير وأعظم من دار الدنيا؛ لفنائها وبقاء الآخرة. {ولنعم دار المتقين} فيه وجهان : قال الحسن : المعنى ولنعم دار المتقين الدنيا؛ لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة ودخول الجنة. وقيل : المعنى ولنعم دار المتقين الآخرة؛ وهذا قول الجمهور. وعلى هذا تكون {جنات عدن} بدلا من الدار فلذلك ارتفع. {جنات عدن} بدلا من الدار فلذلك ارتفع. وقيل : ارتفع على تقدير هي جنات، فهي مبينة لقوله {دار المتقين}. أو تكون مرفوعة بالابتداء، التقدير : جنات عدن نعم دار المتقين. {يدخلونها} في موضع الصفة، أي مدخولة. وقيل {جنات} رفع بالابتداء، وخبره {يدخلونها} وعليه يخرج قول الحسن. والله أعلم. {تجري من تحتها الأنهار} تقدم. {لهم فيها ما يشاءون} أي مما تمنوه وأرادوه. {كذلك يجزي الله المتقين} أي مثل هذا الجزاء يجزي الله المتقين.
وإذا قيل للمؤمنين الخائفين من الله: ما الذي أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: أنزل الله عليه الخير والهدى. للذين آمنوا بالله ورسوله في هذه الدنيا، ودَعَوْا عباد الله إلى الإيمان والعمل الصالح، مَكْرُمَة كبيرة من النصر لهم في الدنيا، وسَعَة الرزق، ولَدار الآخرة لهم خير وأعظم مما أُوتوه في الدنيا، ولَنِعْم دارُ المتقين الخائفين من الله الآخرةُ.
لما ذكر الله قيل المكذبين بما أنزل الله، ذكر ما قاله المتقون، وأنهم اعترفوا وأقروا بأن ما أنزله الله نعمة عظيمة، وخير عظيم امتن الله به على العباد، فقبلوا تلك النعمة، وتلقوها بالقبول والانقياد، وشكروا الله عليها، فعلموها وعملوا لها { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ْ} في عبادة الله تعالى، وأحسنوا إلى عباد الله فلهم { فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً ْ} رزق واسع، وعيشه هنية، وطمأنينة قلب، وأمن وسرور.
{ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ْ} من هذه الدار وما فيها من أنواع اللذات والمشتهيات، فإن هذه نعيمها قليل محشو بالآفات منقطع، بخلاف نعيم الآخرة ولهذا قال: { وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ْ}
( وقيل للذين اتقوا ) وذلك أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاء سأل الذين قعدوا على الطرق عنه ، فيقولون : ساحر ، كاهن ، شاعر ، كذاب ، مجنون ، ولو لم تلقه خير لك ، فيقول السائل : أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أدخل مكة فألقاه ، فيدخل مكة فيرى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيخبرونه بصدقه وأنه نبي مبعوث . فذلك قوله : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) يعني : أنزل خيرا .
ثم ابتدأ فقال : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) كرامة من الله .
قال ابن عباس : هي تضعيف الأجر إلى العشر .
وقال الضحاك : هي النصر والفتح .
وقال مجاهد : هي الرزق الحسن .
( ولدار الآخرة ) أي ولدار الحال الآخرة ، ( خير ولنعم دار المتقين ) قال الحسن : هي الدنيا; لأن أهل التقوى يتزودون فيها للآخرة . وقال أكثر المفسرين : هي الجنة
(وَقِيلَ) الواو استئنافية وماض مبني للمجهول (لِلَّذِينَ) اسم موصول متعلقان بقيل والجملة مستأنفة (اتَّقَوْا) ماض وفاعله والجملة صلة (ما ذا) ما اسم استفهام مبتدأ وذا اسم موصول خبر والجملة نائب فاعل (أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) ماض وفاعله والكاف مضاف إليه والجملة صلة (قالُوا) ماض وفاعله (خَيْراً) مفعول به لفعل محذوف تقديره أنزل خيرا وهو مقول القول (لِلَّذِينَ) الذين اسم موصول ومتعلقان بخبر مقدم (أَحْسَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (فِي هذِهِ) الها للتنبيه وذه اسم إشارة وهو في محل جر ومتعلقان بأحس(الْآخِرَةِ) مضاف إليه (خَيْرٌ) خبر والجملة مستأنفة (وَلَنِعْمَ) الواو عاطفة واللام للابتداء ونعم ماض لإنشاء المدح (دارُ) فاعل (الْمُتَّقِينَ) مضاف إليه والجملة معطوفة
Traslation and Transliteration:
Waqeela lillatheena ittaqaw matha anzala rabbukum qaloo khayran lillatheena ahsanoo fee hathihi alddunya hasanatun waladaru alakhirati khayrun walaniAAma daru almuttaqeena
And it is said unto those who ward off (evil): What hath your Lord revealed? They say: Good. For those who do good in this world there is a good (reward) and the home of the Hereafter will be better. Pleasant indeed will be the home of those who ward off (evil) -
Çekinenlere, Rabbiniz ne indirdi size denince hayır indirdi derler. Bu dünyada güzel hareket edenlere güzel bir mükafat var, ahiret eviyse elbette daha da hayırlı ve çekinenlerin evleri, gerçekten de ne güzeldir.
Et on dira à ceux qui étaient pieux: «Qu'a fait descendre votre Seigneur?» Ils diront: «Un bien». Ceux qui font les bonnes œuvres auront un bien ici-bas; mais la demeure de l'au-delà est certes meilleure. Combien agréable sera la demeure des pieux!
Und denjenigen, die Taqwa gemäß handelten, wurde gesagt: "Was sandte euer HERR hinab?" Sie sagten: "Nur Gutes!" Denjenigen, die in diesem Diesseits Ihsan gemäß handelten, ist Gutes bestimmt. Doch die Wohnstätte des Jenseits ist noch besser. Und zweifelsohne hervorragend ist die Wohnstätte der Muttaqi.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النحل (An-Nahl - The Bee) |
ترتيبها |
16 |
عدد آياتها |
128 |
عدد كلماتها |
1845 |
عدد حروفها |
7642 |
معنى اسمها |
(النَّحْلُ): الْحَشَرَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَمُفْرَدُهَا النَّحْلَةُ، تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (النَّحْلِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّحْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِعَم) |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى الْكَثِيرَةِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْكُفْرِ بِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ سِوَى أَنَّهَا مِنَ المِئِينِ |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّحْلِ) بِِآخِرِهَا:
الأَمْرُ بِالتَّقْوَى والْحَدِيثُ عَنْ مَعِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ ٢﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّحْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحِجْرِ):
خُتِمَتِ (الحِجْرُ) بِتَوجِيهِ النَّبِيِّ ﷺ بِمُدَاوَمَةِ العِبَادَةِ حتَّى يَنْقَضِيَ أَجَلُهُ، فَقَالَ: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾، وَافتُتِحَتِ (النَّحْلُ) بِقَضَاءِ أَمْرِ اللهِ وَعَدَمِ اسْتِعْجَالِهِ؛ فَقَالَ: ﴿أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ١﴾. |