الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

(الوارث حضرة الورث)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[99] - (الوارث حضرة الورث)

أنا وارث والحق وارث ما عندي *** من الحب والشوق المبرح والود

عهدت الذي قد همت فيه وإنني *** مقيم على ما تعلمون من العهد

إذا ما تراءى البرق من جانب الحي *** وقد زادني مسراه وجدا إلى وجد

أقول له أهلا وسهلا ومرحبا *** بمن قد أنى من غير قصد ولا وعد

فيذهب بالأبصار عند خفوقه *** فيا ليت شعري من يقوم له بعدي‏

[إن الله خلق الخلق للخلق‏]

يدعى صاحبها عبد الوارث قال الله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ ومن عَلَيْها فورثها ليورثها من يَشاءُ من عِبادِهِ‏

فهو في هذه المسألة كالموصي فهو مورث لا وارث وما هو وارث إلا إذا مات من عليها فإنه قد وقعت الفرقة بين المالك والمملوك فهو الوارث لهما فهو قوله إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ ومن عَلَيْها ولم يقل ومن فيها لأن الميت من حيث جسمه فيها لا عليها فإذا نزهت الحق عن خلقه الأشياء لنفسه وإنما خلقها بعضها لبعضها فقد فارقها من هذا الوجه وفارقته وتميز عنها وتميزت عنه فراقا ما فيه اجتماع فأنت وارث والحق موروث منه وهو قوله يُورِثُها من يَشاءُ من عِبادِهِ وهو الذي أطلعه الله على هذا العلم الذي فرق به بين الخالق والمخلوق فخلق الخلق للخلق لا لنفسه فإن المنافع إنما تعود من الخلق على الخلق والله هو النافع الموجد للمنافع وإن كان خلقنا لنعبده فمعناه لنعلم أنا عبيد له فإنا في حال عدمنا لا نعلم ذلك لأنه ما ثم وجود يعلم فهو سبحانه الحي الذي لا يموت مع أنه يتميز عن خلقه بما هو عليه من صفات الجلال والكبرياء الذي لا نعقله إلا منا فما نعلم الإجلال الحادثات وكبريائها لا غير ولا تنسب إليه ما نحن عليه مما حمده الحق أو ذمه فينا فإن ذلك كله محدث والمحدثات لا نصفه بها وإنما نصفه بإيجادها وما أوجده لا يقوم به فالكبرياء والجلال الذي ننسبه إليه غير معلوم لنا فإنه لا يقبل جلالنا ولا كبرياءنا وجميع ما نحن عليه من الصفات وصف نفسه بها ثم نزه نفسه عنها فقال سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ وهي المنع عما يصفون فأخذنا هذه الصفات التي كنا نصفه بها بعد تنزيهه عنها بحكم الورث لأنه قد وصف نفسه بها ووصفناه بها فقام التنزيه بعد ذلك مقام الورث لنا فهو يرثنا بالموت ونحن نرثه بالتنزيه‏

فكل وصف فعلينا يعود *** من كل ما أظهره في الوجود

فالجود لله على خلقه *** ونحن من إحسانه في مزيد

فنحن بالحق كما هو بنا *** فإنه المولى ونحن العبيد

وإن في ذلك ذكرى لمن *** كان له قلب وكان الشهيد

والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!