الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

«الرفيق حضرة الرفق والمرافقة»

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[62] - «الرفيق حضرة الرفق والمرافقة»

إن الرفيق هو الذي يسترفق *** وهو الإمام العالم المتحقق‏

فإذا نطقت عن الإله مترجما *** ألقى على الأسماء ما يتحقق‏

إذا كان الرفيق هو الرفيق *** فلا تجنح إلى غير الرفيق‏

تفز بالسبق والتحقيق فيه *** يبينه له معنى الطريق‏

لقد دقت إشارات المعاني *** إلى قلبي بمعناها الدقيق‏

وجلت أن تنال بكل فكر *** لأن مجيئها لمع البروق‏

وقلت لصاحبي مهلا فإني *** سأشهد حالها عند الشروق‏

[إن الإنسان خلق في محل الحاجة]

يدعى صاحبها عبد الرفيق وهو أخو الصاحب في الدلالة ولما خبر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عند الموت ما قال ولا سمع منه إلا الرفيق الأعلى فإنه تعالى كان مرافقه في الدنيا وعلم منه تعالى أنه يريد بطلوع الفجر الرجوع إلى عرشه من السماء الدنيا التي نزل إليها في ليل نشأته الطبيعية فلم يرد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم مفارقة رفيقه فانتقل لانتقاله ورحل لرحلته ولذلك قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الرفيق ولم يقل غير ذلك لأن الإنسان خلق في محل الحاجة والعجز فهو يطلب من يرتفق به فلما وجد الحق نعم الرفيق وعلم إن الارتفاق به على الحقيقة هو الارتفاق الموجود في العالم وإن أضيف إلى غيره فلجهل الذي أضافه فطلب الرفيق الذي بيده جميع الإرفاق فلم يطلب أثرا بعد عين وهكذا حال كل من أحب لقاء الله إذا لم تكن له درجة مشاهدة الرفيق وهو في قوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فهو رفيقنا تعالى في كل وجهة نكون فيها غير إنا حجبنا فسمي انفصالنا عن هذا الوجود الحسي بالموت لقاء الله وما هو لقاء وإنما هو شهود الرفيق الذي أخذ الله بأبصارنا عنه فقال من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه‏

فنلقاه بالكرامة *** والبشر وبالرضى‏

وبأهل ومرحب ضاق *** عن وسعه الفضاء

فلم يعرفه المحجوب رفيقا حتى لقيه فإذا لقيه عرفه وهو قوله وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ فاستحيوا منه المؤمنون لما عاملوه به من المخالفة لأوامره تعالى وخاف منه المجرمون فلقوه على كره فكره الله لقائهم ومع هذه الكراهة فلا بد من اللقاء للجزاء كان الجزاء ما كان ولما كان الأنس والرحمة وأخواتهما في الرفيق والمرافقة لذلك اختصت البنوية باسم الرفيق فتقول فلان رفيق فلان لأنه يغضب لرفيقه وينصره ولا يخذله وينصر الحق ولا يخذله فإنه من شرط البنوة أنه لا يكذب فيعتضد بالنبوي الحق في إظهار الصدق وليس ذلك لغير هذه الطائفة وإذا لم يكن على مكارم هذه الأخلاق خلع عنه قميص البنوة وهو قميص نقي سابغ فمن دنسه أو قلصه عاد ذلك عليه وخلع عنه قميصها فلا يلبسه إلا أهلها


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!