الفتوحات المكية

الحضرات الإلهية والأسماء ءالحسنى

وهو الباب 558 من الفتوحات المكية

«الفرد الوتر الأحد حضرة الإفراد»

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[61] - «الفرد الوتر الأحد حضرة الإفراد»

تفردت بالفرد في نشأتي *** وإني بتثليثها مفرد

وما لي سبيل إلى غايتي *** وإني إلى غايتي أوحد

ورثت من أشياخنا كل ما *** يورثني المجد والسؤدد

وإني إذا كنته لم أكن *** وإني أنا ذلك الأوحد

وهذا الذي قلته إنه *** عن الله سبحانه أسند

[إن الوتر في اللسان هو الدخل وهو طلب الثأر]

يدعى صاحبها عبد الفرد وعبد الوتر وعبد الأحد وأمثال ذلك‏

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الله وتر يحب الوتر

وأوتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بواحدة وبثلاث وبالخمس وبالسبع وبالتسع وبإحدى عشرة

وكل فرد وتر بالغا ما بلغ وكل مشفع وترا أحد وكل موتر شفعا وتر وفرد وأحد ويسمى وترا لأنه طالب ثار من الأحد الذي شفع فرديته فإن الحكم للأحد في شفع الفرد ليس للفرد ولا للوتر فلما انفرد به الأحد طلب الفرد ثاره من الأحد بالوتر فإن الوتر في اللسان بلحنهم هو الدخل وهو طلب الثأر وهوقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الذي تفوته صلاة العصر في الجماعة كأنما وتر أهله وماله‏

كان صلاة الجماعة في العصر طلبت ثارها من المصلي فذا مع تمكنه من الجماعة وإذا أوتر بواحدة سميت البتيراء لأن من شأن الوتر على حكم الأصل أن يتقدمه الشفع فإذا أوتر بواحدة لم يتقدمها شفع فكانت بتيرا على التصغير والأبتر هو الذي لا عقب له وهذه البتيراء ما هي بتيرا لكونها لا عقب لها وإنما هي بتيرا لكونها ليست منتجة ولا نتجت فلها منزلة لم يلد ولم يولد فإذا تقدمها الشفع لم تكن بتيرا لأنها ما ظهرت إلا عن شفع ولهذا كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا يسلم من شفعه إلا في وتر ذلك الشفع فيصله بالشفع ليعلم أنه منه هذا كله ليتميز من الأحد فإن الأحد لا يدخله اشتراك ولا يكون نتيجة عن شفع أصلا وإن كان عن شفع فليس بواحد وإنما هو ثلاثة أو خمسة فما فوق ذلك وتقول في سادس الخمسة إنه واحد لأنه ليس بسادس ستة فقد تميز عن الشفع بما هو منفصل وليس إلا الأحد بخلاف الفرد والوتر وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة فإن الله وتر يحب الوتر

فأوتر التسعين بالتسعة واستثنى الواحد من المائة ولم يقل مائة إلا وترا أو فردا لأن الاشتراك في الفردية والوترية وليس في الأحدية اشتراك ولو قالها هنا لعلم بذكر المائة وذكر التسعة والتسعين أنه أراد الواحد فلو لا قرائن الأحوال ما كان يعرف أنه أراد الواحد للاشتراك الذي في الأفراد والأوتار فأبان بالواحد بعين اسمه فقوة الأحد ليست لسواه واحدية الكثرة أبدا إنما هي فرد أو وتر لا يصح أن تكون واحدا وسواء كانت الكثرة شفعا أو وترا وإنما أحب الله الوتر لأنه طلب الثأر والله يقول إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ والحق سبحانه قد نوزع في أحديته بالألوهية فلما نوزع في ألوهيته جاء بالوتر أي بطالب الثأر ليفنى المنازع وينفرد الحق بالأحدية أحدية الذات لا أحدية الكثرة التي هي أحدية الأسماء فإن أحدية الأسماء شفع الواحد لأن الله كان من حيث ذاته ولا شي‏ء معه فما شفع أحديته إلا أحدية الخلق فظهر الشفع‏

فما في الكون إلا الشفع فانظر *** فإن الرب بالمربون كانا

فمن فهم الذي قد قلت فيه *** أهان شريكه والشرك هانا

لهذا الحق بعد الأخذ فيه *** يورثه برحمته جنانا

بدار النار لم يخرجه منها *** وأعطاه بها النعمى امتنانا

فكن فردا وكن وترا تكنه *** ولا تك واحدا فيه عيانا

تحز بالوتر إن فكرت فيه *** وبالفرد المكانة والمكانا

ولا تنظر إلى الأحد المعلى *** فما في الكون من عين سوانا

إذا قال الإله لكل شي‏ء *** يريد وجوده إن كن فكانا

وما كان الذي قد كان منه *** سواه فمن رآه فقد رآنا


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!