اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
«الفصل الثامن» في الكثيب ومراتب الخلق فيه
اعلم أن الكثيب هو مسك أبيض في جنة عدن وجنة عدن هي قصبة الجنة وقلعتها وحضرة الملك وخواصه لا تدخلها العامة إلا بحكم الزيارة وجعل في هذا الكثيب منابر وأسرة وكراسي ومراتب لأن أهل الكثيب أربع طوائف مؤمنون وأولياء وأنبياء ورسل وكل صنف ممن ذكرنا أشخاصه يفضل بعضهم بعضا قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وقال ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ فتفضل منازلهم بتفاضلهم وإن اشتركوا في الدار ومن هذا الباب قوله ورَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ يعني الخلق فدخل فيه جميع بنى آدم دنيا وآخرة فإذا أخذ الناس منازلهم في الجنة استدعاهم الحق إلى رؤيته فيسارعون على قدر مراكبهم ومشيهم هنا في طاعة ربهم فمنهم البطيء ومنهم السريع ومنهم المتوسط ويجتمعون في الكثيب وكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يجري إليها ولا ينزل إلا فيها كما يجري الطفل إلى الثدي والحديد إلى المغناطيس لو رام أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته ما استطاع بل يرى في منزلته أنه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما هو فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا لا يقوم بنفسه ما هو عند