Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل سرين من عرفهما نال الراحة فى الدنيا والآخرة والغيرة الإلهية

فيمن رويت له أو رآها لنفسه ما أثبت الشارع لذلك الخوف مزيلا وهو قوله أن يتفل صاحب الرؤيا المفزعة على يساره ثلاثا ويستعيذ بالله من شر ما رأى فإنها لا تضره وليتحول من شقه الذي كان عليه نائما حين الرؤيا إلى شقه الآخر فإنها تتحول بتحوله كما يحول صاحب الاستسقاء رداءه عند الدعاء فيحول الله حالة الجدب بالخصب ويرمي شرها عمن اتخذه معاذا فلم يؤثر فيه إذ هو ليس بمحل للأثر وإن كان قد ورد ولكن على وجه خاص فقد ورد في الشرع أن العبد يفعل فعلا يسخط به ربه ويفعل فعلا يرضي به ربه وفيه علم في أي صورة يستعمل الدليل العقلي وفي أي صورة لا يستعمل وفيه علم حقائق الأشياء التي بالعلم بها يصح أن تكون معلومات وفيه علم الحدود الإلهية الموضوعة في العالم في الدنيا والآخرة وتنتهي أوقاتها وفيه علم العلم المولد من غير المولد علم ما ظهر عن الفكر والتدبر والرؤية وفيه علم مقارعة الوجود العدم وفي أي حضرة أو ميدان يجتمعان وليس لهما ميدان مقارعة إلا الممكنات فالمرجح غالب والمرجوح مغلوب وفيه علم التوحيد الإلهي وأماكنه ستة وثلاثون وفيه علم ما يعلل وما لا يعلل وفيه علم ما ينبغي أن يتخذ عدة للشدائد من الأسباب وغيرها وما ثم غير سبب تدفع به وفيه علم الفصل والوصل ولهما بابان في هذا الكتاب وفيه علم الأصل الذي منه أو به ظهرت الأكوان وأعيان العالم وفيه علم من هو العالم ومن يحفظ عليه صورته ومن لا يحفظ عليه صورته وفيه علم نسبة الحركة إلى العالم العلوي وما يطلب بتلك الحركة وفيه علم الانتقال من حال إلى حال وما أصل ذلك وفيه علم نشأة الإنسان على الانفراد وأعني بالإنسان الإنسان الحيوان وفيه علم التثبت في الأمور وما سبب وما ينتج وفيه علم العجز والقصور ومن هو أهله وفيه علم الحافظ والحفظ والمحفوظ من حيث ما هو محفوظ والمحفوظ به وفيه علم الزيادة والنقص وأن الدنيا من حين خلقها الله ما زالت تنقص وأن الآخرة من حين شرع النقص في الدنيا ما زالت تزيد فيه في كل يوم في مزيد والدنيا في كل يوم أيضا في نقص وفيه علم من علم أنه لا يكون منه كون كذا لما طولب بكون ذلك كمن يطلب القيام من المقعد الذي لا يصح منه القيام ولما ذا يريده مع علمه بأنه لا يستطيعه وفيه علم عناية الحق بعبده في حال لا يتصف فيه العبد بالعقل ولا بالوجود كأبي يزيد وأمثاله من الأولياء وكعيسى ويحيى من الأنبياء وفيه علم إقامة الحجج وفيه علم ما يستقل العقل بإدراكه مما لا يستقل بإدراكه وفيه علم طيب الخبيث عند الخبيث وفيه علم نسبة الإصابة لكل مجتهد ومعنى نسبة الخطاء إلى المجتهد وأن ذلك الخطاء علم في نفس الأمر وحكم الله وفيه علم الصنائع العملية بالفطرة والرؤية والتعليم فهذه ثلاثة

أحوال فهي بالفطرة في الحيوان وبالتعليم في الضعيف العقل والرؤية وبالرؤية والتدبير في القوي العقل الصحيح الفكر والنظر وفيه علم ما يتقى ومن يتقي وبما ذا يتقى وأصناف المتقين وفيه علم الفرق بين البلاء والابتلاء وفيه علم القرين الصالح هل الصلاح فيه بالجعل أو بالأصالة وفيه علم حكم الجزاء الوفاق المناسب بالاتفاق وفيه علم أحوال الندم ومتى يتعين وقته وفيه علم التبديل والتحويل في الصور مع بقاء العين وهل ينتقل الاسم بانتقال الحال أم لا وفيه علم ترتيب الكتب الإلهية مع أن الكلام واحد في نفسه وكيف ينسب للمتأخر التقدم على من هو متأخر عنه وفيه علم ما تعطيه العبادة من العلوم وفيه علم عموم رحمة المخلوق وهو من أسنى العلوم وأخفاها وفيه علم ما يمكن أن يكون فيه التساوي بين المخلوقات وبين ما لا يكون وفيه علم التنزيه ومكانة الخلق من الحق والحق من الخلق والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الرابع والستون وثلاثمائة في معرفة منزل سرين من عرفهما نال الراحة في الدنيا والآخرة والغيرة الإلهية»

إذا ما قام شخص عن سواه *** بأحكام فذاك المستناب‏

فإن لم يستنبه وقام فيها *** فلا شك لديه ولا ارتياب‏

ولو يدعو عليه إذا تعدى *** لكان دعاؤه فيه يجاب‏

لصدق الوعد والإخلاص فيه *** يصيب إذا يريد ولا يصاب‏

[لم يزل كل شي‏ء عند الله بالفعل في عباده ما عنده شي‏ء بالقوة]

هذا منزل البشري الإلهية بالراحة التي أوجبها الاعتناء الإلهي بمن بشر بها من عباد الله الصالحين إلى يوم القيامة وفي القيامة فإن الله لم يزل كل شي‏ء عنده بالفعل في عباده ما عنده شي‏ء بالقوة فوردت التعريفات الإلهية إليه بما كان لله فيه‏

من الأفعال والأحوال ليتذكر بعقله شهوده ذلك من ربه فيه في حال عدمه لما كان عليه من الثبوت الذي أوجب له قبول التصرف إلهي فيه وبتلك الحالة الثبوتية امتثل أمر الحق بالتكوين فإن الأمر لا يرد إلا على متصف بالسمع فالقول الإلهي لم يزل والسمع الثبوتي لم يزل وما حدث إلا السمع الوجودي الذي هو فرع عن السمع الثبوتي فانتقلت الحال على عين السمع ما انتقل السمع فإن الأعيان لا تنقلب من حال إلى حال وإنما الأحوال تلبسها أحكاما فتلبسها فيتخيل من لا علم له أن العين انتقل فالأحوال تطلب الأسماء الإلهية لا أن الأعيان هي الموصوفة بالطلب ويحدث للاعيان أسماء والقلب بحسب أحكام الأحوال التي تنقلب عليها ولو لا الأحوال ما تميزت الأعيان فإنه ما ثم إلا عين واحدة تميزت بذاتها عن واجب الوجود كما اشتركت معه في وجوب الثبوت فله تعالى وجوب الثبوت والوجود ولهذه العين وجوب الثبوت فالأحوال لهذه العين كالاسماء الإلهية للحق فكما إن الأسماء للعين الواحدة لا تعدد المسمى ولا تكثره كذلك الأحوال لهذه العين لا تعددها ولا تكثرها مع معقولية الكثرة والعدد في الأسماء والأحوال وبهذا صح لهذه العين أن يقال فيها إنها على الصورة أي على ما هو عليه الأمر الإلهي فحصل لهذه العين الكمال بالوجود الذي هو من جملة الأحوال التي تقلبت عليها فما نقصها من الكمال إلا وهو نفى حكم وجوب الوجود للتمييز بينها وبين الله إذ لا يرتفع ذلك ولا يصح لها فيه قدم وله تمييز آخر وذلك أن الحق يتقلب في الأحوال لا تتقلب عليه الأحوال لأنه يستحيل أن يكون للحال على الحق حكم بل له تعالى الحكم عليها فلهذا يتقلب فيها ولا تتقلب عليه كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ فإنها لو تقلبت عليه أوجبت له أحكاما وعين العالم ليس كذلك تتقلب عليه الأحوال فتظهر فيها أحكامها وتقليبها عليها بيد الله تعالى فأما تقليب الحق في الأحوال فمعلوم بالنزول والاستواء والمعية والضحك والفرح والرضي والغضب وكل حال وصف الحق به نفسه فهو سبحانه يتقلب فيها بالحكم فهذا الفرق بيننا وبين الحق وهو أوضح الفروق وأجلاها فوقعت المشاركة في الأحوال كما وقعت في الأسماء لأن الأسماء هي أسماء الأحوال ومسماها العين كما أنه لها الأسماء بنسبة غير هذه النسبة ومسماها الحق ف هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ العالم القدير وأنت السميع البصير العالم القدير فحال السمع والبصر والعلم والقدرة لنا وله بنسبتين مختلفتين فإنه هو هو ونحن نحن فلنا آلات ونحن له آلات فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى‏ والآلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فالتقلب للحق في الأحوال لإظهار أعيانها كتقلب الواحد في مراتب الأعداد لإظهار أعيانها واعلم أن هذا المنزل ما سمي منزل سرين إلا لسر عجيب وهو أن الشي‏ء الواحد تثنيه نفسه لا غيره في المحسوس والمعقول فأما في المحسوس فآدم ثناه ما فتح في ضلعه القصير الأيسر من صورة حواء فكان واحدا في عينه فصار زوجا بها وليست سوى نفسه التي قيل بها فيه إنه واحد وأما في المعقول فالألوهية ليست غير ذاته تعالى ومعقول الألوهة خلاف معقول كونه ذاتا فثنت الألوهة ذات الحق وليست سوى عينها فكما بث في الحس من آدم ومن ثناه من ذاته رجالا كثيرا ونساء على صورة الزوجين كذلك بث من ذات الحق تعالى وكونه إله العالم على صورة هذين المعقولين فالعالم خرج على صورة مؤثر ومؤثر فيه للتوالد أي لتوالد أجزائه فإن الألوهة حكم للذات فيها حكمت بإيجاد العالم فلما آثرت الحكم بإيجاد العالم لذلك ظهر العالم بصورة من أوجده بين مؤثر ومؤثر فيه كما جرى في المحسوس فإن الله ما خلق من آدم وحواء أرضا ولا سماء ولا جبلا ولا غير نوعه بل ما خلق منهما إلا مثلهما في الصورة والحكم‏

إن التي كان الوجود بكونها *** ذات يقدس لفظها معناها

إني لأهواها وأهوى قربها *** مني وأهوى كل من يهواها

ليلى ولبني والرباب وزينب *** أتراب من حبي لها محياها

لو مت مات وجودها بمماتنا *** فوجودنا عين لها وسواها

عجبا لنا ولها فإن وجودنا *** فرد فلا ثان فمن ثناها

ولما كان الأصل واحدا وما ثناه سوى‏

نفسه ولا ظهرت كثرة إلا من عينه كذلك كانت له في كل شي‏ء من العالم آية تدل‏

على أنه واحد فالكون كله جسم وروح بهما قامت نشأة الوجود فالعالم للحق كالجسم للروح وكما لم يعرف الروح إلا من الجسم فإنا لما نظرنا فيه ورأينا صورته مع بقائها تزول عنها أحكام كنا نشاهدها من الجسم وصورته من إدراك المحسوسات والمعاني فعلمنا إن وراء الجسم الظاهر معنى آخر هو الذي أعطاه أحكام الإدراكات فيه فسمينا ذلك المعنى روحا لهذا الجسم فكذلك ما علمنا أن لنا أمرا يحركنا ويسكننا ويحكم فينا بما شاء حتى نظرنا في نفوسنا فلما عرفنا نفوسنا عرفنا ربنا حذوك النعل بالنعل ولهذا أخبر في الوحي‏

بقوله من عرف نفسه عرف ربه‏

وفي الخبر المنزل الإلهي سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فما ظهر العالم عن الله إلا بصورة ما هو الأمر عليه وما في الأصل شرفا لي من تستند الشرور والعالم في قبضة الخير المحض وهو الوجود التام غير أن الممكن لما كان للعدم نظر إليه كان بذلك القدر ينسب إليه من الشر ما ينسب إليه فإنه ليس له من ذاته حكم وجوب الوجود لذاته فإذا عرض له الشر فمن هناك ولا يستمر عليه ولا يثبت فإنه في قبضة الخير المحض والوجود ثم من تمام المعرفة الموضوعة في العلم بالله أن للجسم في الروح آثارا معقولة معلومة لما يعطيه من علوم الأذواق وما لا يمكن أن يعلمها إلا به وأن الروح له آثار في الجسم محسوسة يشهدها كل حيوان من نفسه كذلك العالم مع الحق لله فيه آثار ظاهرة وهي ما يتقلب فيه العالم من الأحوال وذلك من حكم اسمه الدهر وأخبر الحق سبحانه أن للعالم من حيث ما كلفه آثارا لو لا تعريفه إيانا بها ما عرفناها وذلك أنه إذا اتبعنا رسوله فيما جاءنا به من طاعة الله أحبنا وأرضيناه فرضي عنا وإذا خالفناه ولم نمتثل أمره وعصيناه أخبرنا إنا أسخطناه وأغضبناه فغضب علينا وإذا دعوناه أجابنا فالدعاء من أثره والإجابة من أثرنا ذلك لتعلموا أنه ما أظهر شيئا إلا من صورة ما هو هو ويستحيل أن يكون الأمر إلا كذلك وإلا فمن أين وما ثم إلا هو ولا يعطي الشي‏ء إلا ما في قوته ولهذا نعت الحق لنا نفسه بنعوت المحدثات عندنا وهي في الحقيقة نعوته ظهرت فينا ثم ما عادت عليه ونعتنا سبحانه بنعوت ما يستحقه جلاله فهي نعوته على الحقيقة فلو لا ما أوجدنا على صورة ما هو عليه في نفسه ما صح ولا ثبت أن نقبل صفة مما وصفنا بها مما هي حق له ولا كان يقبل صفة مما وصف بها نفسه مما هي حق لنا والكل حق له فهو الأصل الذي نحن فرعه والأسماء أغصان هذه الشجرة أعني شجرة الوجود ونحن عين الثمر بل هو عين الثمر فما لنا مثل سوى وجود هذا الشجر ومن تمام المعرفة بالله ما أخبرنا به على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من تحوله تعالى في الصور في مواطن التجلي وذلك أصل تقلبنا في الأحوال باطنا وظاهرا وكل ذلك فيه تعالى وكذلك هو تعالى في شئون العالم بحسب ما يقتضيه الترتيب الحكمي فشأنه غدا لا يمكن أن يكون إلا في غد وشأن اليوم لا يمكن أن يكون إلا اليوم وشأن أمس لا يمكن أن يكون إلا في أمس هذا كله بالنظر إليه تعالى وأما بالنظر إلى الشأن يمكن أن يكون في غير الوقت الذي تكون فيه لو شاء الحق تعالى وما في مشيئته جبر ولا تحير تعالى الله عن ذلك بل ليس لمشيئته إلا تعلق واحد لا غير ومنها قوله سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ يعني منكم ومن العالم الذي هو سوانا وإنما سمانا بالثقلين لما فينا من الثقل وهو عين تأخرنا بالوجود فأبطأنا ومن عادة الثقيل الإبطاء كما أنه من عادة الخفيف الإسراع فنحن والجن من الثقلين ونحن أثقل من الجن للركن الأغلب علينا وهو التراب فالإنسان آخر موجود في العالم لأن المختصر لا يختصر إلا من مطول وإلا فليس بمختصر فالعالم مختصر الحق والإنسان مختصر العالم والحق فهو نقاوة المختصر أعني الإنسان الكامل وأما الإنسان الحيوان فإنه مختصر العالم وله يفرغ الحق ليقيم عليه ميزان ما خلق له فإن قوله سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ كلمة تهديد والإنسان الكامل لا يتوجه عليه هذا الخطاب غير إن في هذه الكلمة إشارة للحوق الرحمة بهما أعني الثقلين وذلك في فتح اللام الداخلة على ضمير المخاطب في لكم وإن كان الفتح الإلهي قد يكون بما يسوء كما يكون بما يسر ولكن رحمته سبقت غضبه وجاء بآلة الاستقبال وهو السين وآخر درجة الاستقبال ما يؤول إليه أمر العالم من الرحمة التي لا غضب بعدها لارتفاع التكليف واستيفاء الحدود ولما جاء بضمير الخطاب في قوله لكم وعلمنا من الكرم الإلهي أبدا أنه يرجح جانب السعداء وجانب الرحمة على النقيض ولهذا سمي ما يتألم به أهل الشقاء عذابا لأن السعداء يستعذبون آلام أهل الشقاء إيثار

الجناب الحق حيث أشركوا فلهم في أسباب الآلام نعيم فسمى الحق ذلك عذابا إيثارا لهم حين آثروه‏

فلذلك جاء بحرف الخطاب ليفتح اللام وليعلم بآلة الخطاب أنهم قوم مخصوصون لأنه لا يفقد من العالم ضمير الغائب فلا بد له من أهل مثل قوله في السعداء لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي فأتى بضمير الغائب فغابوا عن هؤلاء المخاطبين وفتح اللام فتح رحمة تعطيها قرائن الأحوال ولهذه الأداة مراتب يعامل الحق بها عباده مثل قوله وإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ ومثل قوله ما كانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى‏ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وما كانَ الله لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ وخَلَقَ لَكُمْ ما في الْأَرْضِ ولَهُ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ وما بَيْنَهُما وما تَحْتَ الثَّرى‏ فله ولنا ومع هذا فالأدب يلزمنا وبالأدب يكون أصحاب السلطان جلساء من غير انبساط لأن الشهود والانبساط لا يجتمعان قال بعضهم اقعد على البساط وإياك والانبساط

إني عبدت من أمر ليس يصلح لي *** ولست أعبد من نعتي بصورته‏

فإنه قال هذا لم أقله أنا *** وليس سورة حالي غير سورته‏

فإن الدون الأدون إذا نسب إليه ما لا يقتضيه مقامه من الصفات الشريفة يأنف من ذلك لأنه هجو به كما يأنف الشريف أن يوصف بدون ما يستحقه شرفه‏

(وصل) [الفرق بين الولي والنبي‏]

وأما من قال من أصحابنا وذهب إليه كالإمام أبي حامد الغزالي وغيره بأن الفرق بين الولي والنبي نزول الملك فإن الولي ملهم والنبي ينزل عليه الملك مع كونه في أمور يكون ملهما فإنه جامع بين الولاية والنبوة فهذا غلط عندنا من القائلين به ودليل على عدم ذوق القائلين به وإنما الفرقان إنما هو فيما ينزل به الملك لا في نزول الملك فالذي ينزل به الملك على الرسول والنبي خلاف الذي ينزل به الملك على الولي التابع فإن الملك قد ينزل على الولي التابع بالاتباع وبإفهام ما جاء به النبي مما لم يتحقق هذا الولي بالعلم به وإن كان متأخرا عنه بالزمان أعني متأخرا عن زمان وجوده فقد ينزل عليه بتعريف صحة ما جاء به النبي وسقمه مما قد وضع عليه أو توهم أنه صحيح عنه أو ترك لضعف الراوي وهو صحيح في نفس الأمر وقد ينزل عليه الملك بالبشرى من الله بأنه من أهل السعادة والفوز وبالأمان كل ذلك في الحياة الدنيا فإن الله عز وجل يقول لَهُمُ الْبُشْرى‏ في الْحَياةِ الدُّنْيا وقال في أهل الاستقامة القائلين بربوبية الله إن الملائكة تنزل عليهم قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا ومن أولياء الله من يكون له من الله ذوق الإنزال في التنزيل فما طرأ ما طرأ على القائلين بخلاف هذا إلا من اعتقادهم في نفوسهم أنهم قد عموا بسلوكهم جميع الطرق والمقامات وأنه ما بقي مقام إلا ولهم فيه ذوق وما رأوا أنهم نزل عليهم ملك فاعتقدوا إن ذلك مما يختص به النبي فذوقهم صحيح وحكمهم باطل وهم قائلون إنه من أتى منهم بزيادة قبلت منه لأنه عدل صاحب ذوق ما عندهم تجريح ولا طعن ولا يتعدون ذوقهم فمن هنالك وقع الغلط ولو وصل إليهم ممن تقدمهم أو كان معهم في زمانهم من أهل الله القول بنزول الملك على الولي قبلوه وما ردوه وقد رأينا في الوقائع ممن تقدم جماعة غير قائلين بأمر ما فلما سمعوه منا قبلوه ولم ينكروه لارتفاع التهمة عنهم في أشكالهم وأمثالهم فإن قال أحد من أهل الله من أهل الإشارات وهم أصحاب النداء على رأس البعد إنك قد قلت إنه ما من حقيقة ولا نسبة في العالم إلا وهي صادرة عن نسبة إلهية ومن نسب العالم الافتقار وقد قال أبو يزيد وهو من أهل الكشف والوجود إن الله قال له في بعض مشاهده معه تقرب إلي بما ليس لي الذلة والافتقار

[أن للحق تعالى الرحمة والعفو والكرم والمغفرة]

فاعلم أيها المستفيدان الحق تعالى له الرحمة والعفو والكرم والمغفرة وما جاء من ذلك من أسمائه الحسنى وهي له تعالى حقيقة وكذلك له الانتقام والبطش الشديد فهو سبحانه الرحيم العفو الكريم الغفور ذو انتقام ومن المحال أن تكون آثار هذه الأسماء فيه أو يكون محلا لآثارها فرحيم بمن وعفو عمن وكريم على من وغفور لمن وذو انتقام ممن فلا بد أن يقول إن الله الخالق يطلب المخلوق والمخلوق يطلب الخالق وصفة الطالب معروفة والحاصل لا ينفي فلا بد من العالم لأن الحقائق الإلهية تطلبه وقد بينا لك أن معقولية كونه ذاتا ما هي معقولية كونه إلها فثنت المرتبة وليس في الوجود العيني سوى العين فهو من حيث هو غني عن العالمين ومن حيث الأسماء الحسنى التي تطلب العالم لإمكانه لظهور آثارها فيه يطلب وجود العالم فلو كان العالم موجودا ما طلب وجوده فالأسماء

له كالعائلة ورب العيال يسعى على عياله والخلق عيال الله الأبعد والأسماء الآل الأقرب فسأله العالم لإمكانه وسألته الأسماء لظهور آثارها وما يسأل إلا فيما ليس له وجود فلا بد من وجود العالم والكتاب حاكم والعلم سابق والمشيئة محققة فمن المحال أن لا يقع وإنما وقع التكفير في الطائفة التي قالت إِنَّ الله فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ بالمجموع فإنهم ليسوا بأغنياء عن الله وليس الحق بمتأخر عن إيجادهم ولا عن إسباغ النعم عليهم فضلا منه ومنة لحكم كتاب سبق قال الله تعالى لَوْ لا كِتابٌ من الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ فالحكم للكتاب ونسبة الكتاب ما هي نسبة الذات وتعين إمضاء الحكم فيمن أمضاه فهو للكتاب كالسادن والمتصرف بحكم جبر المرتبة هذا تعطيه الحقائق بأنفسها وهي لا تتبدل ولو تبدلت الحقائق اختل النظام ولم يكن علم أصلا ولا حق ولا خلق فلو نظر العاقل في حكمة الخطاب الإلهي في قوله تعالى سَنَكْتُبُ ما قالُوا وأخذه من قوله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ يريد أوجبها على نفسه لأنه ما ثم موجب إلا هو تعالى فقال سنوجب ما قالوه فيما يرجع ضرره عليهم وقال في تمام الآية ونَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ عقوبة لقولهم ولهذا كان تحقيق كفرهم بالمجموع فإنهم ليسوا بأغنياء فهذا روح هذه الآية وأما احتجاجك بما قاله لأبي يزيد فهو أيضا عين المجموع فلم يقل الذلة وحدها بل قال الذلة والافتقار ونسبة المجموع ليست بنسبة الأفراد فلو لا الممكن ما ظهر أثر للأسماء الإلهية والاسم هو المسمى عينه ولا سيما الأسماء الإلهية فالوجود طالب ومطلوب ومتعلق الطلب العدم فأما إعدام موجود وإما إيجاد معدوم قال الله تعالى الله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فما نفى إلا الألوهة أن تكون نعتا لأكثر من واحد فللأسماء الإلهية أو المرتبة التي هي مرتبة المسمى إلها التصريف والحكم فيمن نعت بها فبها يتصرف ولها يتصرف وهو غني عن العالمين في حال تصرفه لا بد منه فانظر ما أعجب الأمر في نفسه ومن هنا يعرف قول أبي سعيد الخراز أنه ما عرف الله إلا بجمعه بين الضدين ثم تلا هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ وأما قول اليهود في البخل يَدُ الله مَغْلُولَةٌ فقال تعالى فيهم غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ولُعِنُوا بِما قالُوا أي أبعدوا عن صفة الكرم الإلهي فإن أقوالهم من أعمالهم فغلت أيديهم فوقع البخل الذي نسبوه إلى الله بهم فما شهدوا من الله إلا ما قالوا فأذاقهم طعم ما جاءوا به وكذبهم الله بعد ذلك في المال فبسط عليهم الكرم بالرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ ليعرفهم بأنهم كانوا كاذبين وهو أشد العذاب عليهم وأشد النعيم فإنه إذا بسط عليهم الجود والكرم علموا جهلهم فتوهموه فتعذبت نفوسهم بتصور الحال التي كانوا عليها من الجهل بالله ويتنعمون بإزالة ذلك ووقوفهم على العلم وعلموا أن جهلهم أورثهم الكذب على الله تعالى بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ فالحكم للمشيئة فافهم وليست مشيئته غير ذاته فأسماؤه عينه وأحكامها حكمه وما ظهر العالم إلا بما هي عليه من القوي‏

فانظر إليه تكنه *** ولا تجاوز حدك‏

فكل ما هو فيه *** فإنما هو عندك‏

من قدر الله حق قدره *** أظهر أمر الوجود منه‏

فكل أمر تراه عين *** من علمه فيه فهو عنه‏

فعينه عين من تراه *** لذاك ما للوجود كنه‏

فإذا قلت الله فهو مجموع حقائق الأسماء الإلهية كلها فمن المحال أن يقال على الإطلاق فلا بد أن تقيده الأحوال وإن قيدته الألفاظ فبحكم التبعية للأحوال فكلما أضيف إليه فانظر أي اسم تستحقه تلك الإضافة فليس المطلوب من الله في ذلك الأمر إلا الاسم الذي تخصه تلك الإضافة والحقيقة الإلهية التي تطلبه فلا تتعداه ومن كان هذا حاله فقد وفى الله حقه وقدر قدره مجملا فإنه لا يقدر قدره مفصلا لأن الزيادة من العلم بالله لا تنقطع دنيا ولا آخرة فالأمر في ذلك غير متناه أ لم تر أن الله تعالى بعث موسى عليه السلام برسالة إلى فرعون كان من جملتها أن يقول له إذا قال له فرعون فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى‏ ... عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنْسى‏ يعني ما أوجبه على نفسه من ذلك فما كتبها في اللوح المحفوظ إلا ليعلم من ليس من شأنه أن لا يعلم إلا بالإعلام لا ليتذكر ما أوجبه على نفسه مما تستقبل أوقاته في‏

المدد الطائلة فإنه سبحانه لا يَضِلُّ رَبِّي الذي جئتك من عنده لأدعوك إلى عبادته ولا يَنْسى‏ وقال‏

تعالى عن نفسه نَسُوا الله فَنَسِيَهُمْ وما نسوه على الإطلاق فما ينساهم على الإطلاق وإنما ينساهم فيما نسوه فيه مما لو علموا به نالتهم الرحمة من الرحيم بذلك فلما نسوه نسيهم الرحيم إذ تولاهم الاسم الإلهي الذي كانوا في العمل الذي يدعو ذلك الاسم إليه فإذا انقضى عدل ميزانه فيه زال النسيان إذ لا بد من زواله عند كشف الغطاء عند الموت في الدنيا فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم وعيان محقق لا مرية فيه ولا شك من العلم بالله والايمان به خاصة هذا هو الذي يعم فلا بأس أشد من الموت وما بقي الأهل ينفعه ذلك الايمان أم لا أما في رفع العقوبة عنهم فلا إلا من اختصه الله مثل قوله تعالى فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا ثم قال وهو موضع استشهادنا سُنَّتَ الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ في عِبادِهِ وأما الاستثناء فقوله تعالى إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ في الْحَياةِ الدُّنْيا ومَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ فلا حكم على الله في خلقه وأما نفع ذلك الايمان في المال فإن ربك فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وإنه يقول تعالى إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فهذا قوله عهده إلينا في كتابه وعلى ألسنة رسله ع‏

فقد أن الحق فيما أتى به *** رسول إلى قلبي من الملإ الأعلى‏

فأخبرني بالأمر من نصفه فما *** أقول بأحرى في الأمور ولا أولى‏

بل الأمر فيه واحد ليس غيره *** فمن عالم يبلى ومن عالم يبلى‏

وذلك فرقان يبين دليله *** وليس بقرآن على قلبنا يتلى‏

وإن كان قول الله في كل حالة *** علي إذا ما جئت حضرته يملي‏

وخلقي عجيب لا يزال مجددا *** وما مر منه لا يزال ولا يبلى‏

فحكم الحكيم الحق في الخلق ظاهر *** فسبحان من أعمى وسبحان من أجلي‏

لقد جاد لي إنعامه بشهوده *** وقد خصني منه بمورده الأحلى‏

فمن اتقى الله جعل له فرقانا وإن كان في عين القرآن العزيز الذي هو الجمع من قريت الماء في الحوض إذا جمعته فما كل فرقان قرآن وكل قرآن فرقان‏

فعين الجمع عين الفرق فانظر *** بعينك لاجتماع في افتراق‏

فليس المثل عين المثل فاحكم *** عليه بالفراق وبالتلاق‏

وإن شئنا إذا فكرت فيه *** حكمنا بالنكاح وبالطلاق‏

فلو لا الحق ما كان اتساق *** فساق الحق ملتف بساقي‏

وعند شرودنا عنه دعاني *** لا علم أن في العقبي مساقي‏

إليه في جسوم من نبات *** فإن طبنا فمسك في حقاق‏

فَرِيقٌ في الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِيرِ فتميز الواحد عمن ثناه فانفرد كل فريق بأحديته وجمعيته فمنهم من تأنس بانفراده بفرديته وأحديته ومنهم من استوحش في انفراده بفرديته وأحديته فتلك عند العارفين وحشة الحجاب‏

فأي نعيم لا يكدره الدهر *** ولله فيما قلته الخلق والأمر

فلو لا وجود الحق ما كان خيره *** ولو لا وجودي لم ير في الورى الشر

ولست سواه لو تسر حقيقتي *** ولكنه أخفى فشأني له ستر

فمن يتحقق صورتي فإنه *** يلوح له من نشأتي الدر والدر

فدر لا حجار تنافس نشأتي *** وللعلم منها ما يجود به الدر

فإن كنت ذا عقل تبين حكمه *** وإن كنت ذا عين فقد رفع الستر

فإن شئت فأشر به رحيقا مختما *** وإن لم تشأ خمرا فمشربك المزر

فسبحان من أحيا الفؤاد بذكره *** ولو لم يكن ذكر لقام به الفكر

[ثبوت العلم على صورته‏]

واعلم أيدك الله بروح منه أني ما رأيت ثبوت العلم على صورته لا يتغير إلا في هذا المنزل فأورثني الطمأنينة فيما علمت أنه لا يزول وأن الشبه لا تزلزله وأن الشبهة إذا جاءت لمن شاهد هذا الأمر في هذا المنزل رآها شبهة لا يمكن أن تتغير له عن صورتها بخلاف من ليس له هذا المنزل فإنه يتزلزل ويؤديه ذلك التزلزل إلى النظر فيما كان قد قطع أنه يعلمه ولا يعرف هل العلم الأول كان شبهة أو هل الشهود شبهة أو هل الأمران شبهة فيحار وذلك أنه ليس هو في علمه بالأمور على بصيرة لأنه ولدها بفكره فإذا جاءت الأمور بأنفسها لا بجعلك وإنشائك أعطتك حقائقها فعلمتها على ما هي عليه ويتعلق بهذا المنزل آيات كثيرة من القرآن العزيز ولو بسطنا الكلام فيها لطال المدى فلنذكر منها بعض آيات لا كلها ولا أشرحها وإنما أنبه عليها للعقول السليمة والأبصار النافذة فمن ذلك ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ومنها لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ وهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ في سورة التغابن ومنها وقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ ومنها وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ومنها فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ومنها فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ حيث وقع ومنها وتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ومنها ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله توطئة لسعادتهم ومنها لِلَّهِ الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ فصدر بهذه الآية ليعلم بما هو الأمر عليه بالنسبة إليه ومنها إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ فاكتفى بالخبرة عن العلم إذ كانت كل خبرة علما ومنها ولَوْ شاءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى‏ فجاء بحرف امتناع لامتناع ومنها ولَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً من فِضَّةٍ ومَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ومنها إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى‏ ومنها وكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ من الله عَلَيْهِمْ من بَيْنِنا ومنها ما كانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى‏ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ الآية ومنها ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ولْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ومنها لَتُؤْمِنُنَّ به ولَتَنْصُرُنَّهُ ومنها وقُلِ الْحَقُّ من رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية ومنها وإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ومنها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها ومنها أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ وهو الذي سقط على وجهه في النار من الصراط وهو من الموحدين ومنها وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ من بَعْدِ ما قَنَطُوا ويَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ومنها إِنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ أي تعجبا ومنها فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً من الْعالَمِينَ ومنها وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فتدبر منازل هذه الآيات وأمثالها ومن هنا تعرف قوة الألف واللام اللتين للعهد والتعريف والجنس وإلحاق لام ألف بالحروف والحروف على قسمين حروف هجاء وهي الحروف الأصلية وحروف معاني وكلاهما في الرقم بالوضع وفي اللفظ بالطبع في الإنسان وكلها منك وفيك وما ثم أمر خارج عنك فلا ترجو أن تعرف نفسك بسواك فإنه ما ثم فأنت دليل عليك وعليه وما ثم من هو دليل عليك‏

من ذا الذي ترتجيه بعدك *** وأنت في الحالتين وحدك‏

فانظر إليه به تكن هو *** فكل ما فيه فهو عندك‏

وفي هذا المنزل من العلوم علم ما للأسباب في المسببات من الأحكام وتفصيل الأسباب وهل العالم كله أسباب بعضه لبعضه وهل من الأسباب ما يكون عدما وهو سيب مثل النسب كتعلقات المعاني الموجبة أحكاما بتعلقها وفيه علم ما ثبت لله من الأحكام عقلا وشرعا وفيه علم ما فائدة الأخبار في المخير المعقول وما الأخبار التي تفيد علما من التي تفيد ظنا أو غلبة ظن من الأخبار التي تفيد حيرة من الأخبار التي تقدح في الأدلة النظرية لقدحها في العلم وفيه علم الخلق عيال الله هل معناه معنى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله وفيما ذا يكون الفقر مع كونهم موجودين وعلمهم من الحق أنهم لا يعدمون بعد وجودهم وإنما هو تقلب أحوال عليهم فمن حال يزول وحال يأتي والزائل يعطي زواله حكما والآتي يعطي إتيانه حكما والمحكوم عليه بالحكمين واحد العين كالقائم‏

يقعد فالقعود آت والقيام زائل فحكم زوال القيام كونه ليس بقائم وهو عين حكم القعود ويزيده القعود أحكاما لم تفهم من زوال القيام قد صار إليها وهي أنه ليس بمضطجع ولا راكع ولا ساجد ولا منبطح وفيه علم ما حكمة استفهام العالم عما يعلم وفيه علم لما ذا يرجع ما يدركه البصر من تحول العين الواحدة في الصور في نظر الناظر هل هي في نفسها على ما يدركها البصر أو هي على ما هي عليه في نفسها لم تنقلب عينها وهذا راجع إلى ما يرى‏

من الأعيان ويحكم عليها بأنها أعيان هل تكثرت بأعراض أو بجواهر فإن الصور تختلف في النظر دائما وكل منظور إليه بالبصر من الأجسام جسم فالجسمية حكم عام ونرى فيها صورا مختلفة منها ما يكون سريع الزوال ومنها ما يبطى‏ء في النظر والجسم جسم لم يتبدل وليس الموصوف بما ظهر إلا الجسم وكذلك الصور الروحانية والتجلي الإلهي وهذا علم فيه إشكال عظيم والتخلص منه بطريق النظر الفكري عسير جدا وفيه علم ما للنائب من الشروط أن يشترطها على من استخلفه مع علمه بأنه مقهور في إقامته نائبا فهل اشتراطه مؤذن بجهله بمن استخلفه أو بنسيانه فيذكره أو يعلمه بمصالحه أكثر من علم من استخلفه بها وينفتح في هذا الاشتراط أمور هائلة تقدح أو يعلم النائب أن من استخلفه يريد منه أن يسأله فيما اشترط عليه ليريه فقره إليه ذوقا إذ لو كان للنائب الاستقلال بما طلبه في شرطه ما اشترطه وفيه علم تعرض النائب لمن استخلفه بالرشاء وما يقبل من الرشاء وما لا يقبل وفيه علم إجابة المستخلف النائب في كل ما يسأله من مصالحه وفيه علم إن في الطعن على المستخدمين تسفيه من استخدمهم وهو علم خطر جدا ولذلك نهي عن الطعن على الملوك والخلفاء وأخبرنا أن قلوبهم بيد الله إن شاء قبضها عنا وإن شاء عطف بها علينا وأمرنا أن ندعو لهم وإن وقوع المصلحة بهم في العامة أكثر من جورهم وما حكمة جورهم مع كونهم نواب الله على الحقيقة في خلقه سواء كانوا كفار أو مؤمنين وعادلين أو جائرين ما يخرجهم ذلك عن إطلاق النيابة عليهم فهل إذا جار النائب انعزل فيما جار فيه من النيابة أو انعزل على الإطلاق من النيابة ثم جدد الحق له نيابة أخرى مجددة وفيه علم تعداد النعم من المنعم على المنعم عليه هل هو من قادح أو هل هو تعريف ليعلم قدر ذلك لما طلب منه من الشكر عليها أو هل هو عقوبة لأمر وقع منهم أو هل تسوغ فيه مجموع هذه الوجوه كلها وفيه علم الرفق في التعليم في مواطن والإغلاظ في مواطن وفيه علم من أين جئت وإلى أين تروح وهل ثم رجوع على الحقيقة أم لا أو هو سلوك أبدا قد ما لا رجوع فيه والرجوع للمعقول والمحسوس في العالم لأية نسبة إلهية يرجع وهل وصف الحق بالرجوع على ما قلناه في الرجوع أم لا فإن الحقائق تأبى أن يكون ثم رجوع وفيه علم الفرق بين وصف النفوس الناطقة بالعقول والنهي والأحكام والألباب وأمثال هذه الألقاب لما ذا يرجع وفيه علم ما حكمة إقامة الدليل لمن لا يعلم أن ذلك دليل وهو يعلم أنه عالم بهذه الصفة فهل هو عينه مقصود بذاك الدليل أو غيره فيكون فيه ناقلا فينتفع به ويقبله من يصل إليه من نقل هذا الذي لم يعلم أن ذلك دليل وهذا يقع كثيرا وهوقول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم رب حامل فقه ليس بفقيه‏

فإذا حمله ونقله إلى فقيه قبله ذلك الفقيه واستفاد به علما لم يكن عنده والناقل لا علم له بشي‏ء من ذلك وفيه علم تسمية الشي‏ء باسم الشي‏ء إذا كان مجاورا له أو كان منه سبب وفيه علم لم أمر الشارع بقتل الساحر ولما ذا سمي كافرا ولما علم فرعون صدق موسى عليه السلام وأضمر الايمان في نفسه الذي أظهره عند غرقه حين رأى البأس هل قتل من قتل من السحرة الذين آمنوا لكونهم سحرة فقتلهم شرعا في باطن الأمر ولإيمانهم في ظاهر الأمر وإذا قتل الساحر هل ذلك القتل كفارة له وجزاء على سحره ولم يبق عليه من جهة ذلك السحر في الآخرة مطالبة فيه من الحق سبحانه وتعالى أم لا مطالبة عليه فيه من الله وفيه علم تفاضل المقربين عند الله بما ذا فضل بعضهم بعضا وفيه علم‏

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في ابتلاء المؤمن بالرزايا والمصائب إن له خيرا في ذلك كله‏

ولما ذا كان أهل الله في الدنيا أشد بلاء من سواهم ولما ذا يرجع اقتضاء ذلك في حقهم دون غيرهم من الناس المؤمنين وفيه علم لما ذا جبلت النفوس على حب المال ولا سيما الذهب هل لحيازته درجة الكمال المعدني فوقعت المناسبة بين الكاملين أو هل لما فيه من قضاء حوائجهم فهم فقراء إليه لوصولهم به إلى أغراضهم وقول عيسى عليه السلام قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء

فمن اكتنز ماله فقد دفن قلبه في أرض طبيعته فلا يلتذ بمشاهدة أبيه الذي هو الروح الإلهي أبدا ومثل هذا يكون ابن أمه وإن كان له أب ولكن لا ينسب إليه كعيسى ابن مريم عليه السلام ينسب إلى أمه وما وهبه لها إلا جبريل عليه السلام لما تمثل لَها بَشَراً سَوِيًّا وأعلمها ومع هذا فما نسب إلا إلى البقعة الجسمية مع كونه يحيي الموتى من حيث ما هو من هبات الروح الأمين وفيه علم الغيرة الإلهية وممن زاحمه في الاسم الخاص الذي به شرفه وفيه علم متى يتعين إجابة السائل فيما سأل إذا سأل ومن سأل بالحال هل يتعين‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!