Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الرؤية والقوّة عليها والتدانى والترقى والتلقى والتدلى وهو من الحضرة المحمدية والآدمية

إذا الولي أقبلت *** زوجته على سرر

يفضي إليها بالذي *** يحمله من الصور

فعند ما ينكحها *** تصورا على صور

من جنس ما لو ولدت *** كان على تلك الصور

من ذي إمام حاكم *** أو ذات غنج وحور

فإن يكن أنثى فهي *** وإن يكن هو فذكر

مثل تجليه سوا *** تحول بلا غير

فليتدبر وليي ما سطرته وليفكر فيما ذكرته وليأخذه عبرة من البصر لبصيرته ومن سره لسريرته فقد آن إن يجي‏ء زمان المحن وقد علمت لما أوجدك ورتبة الكمال الذي أشهدك وما طلب منك إلا ما يقتضيه وجودك ويقضي به شهودك فإن أنصفت فقد عرفت وإن تعاميت بعد ما أراك ما قد رأيت فقد وهيت فاسد المقالة سؤال الإقالة والسلام فسر بورود كتابي عليه وأمعن بالنظر فيه وإليه فأورثه التفكر فيه علة كانت سبب رحلته وسرعة نقلته فما بقي إلا أياما ودرج وعلى أسنى معراج إلى مقصوده عرج وشهدت احتضاره بالدار البيضاء إلى أن قضى وسافرت من يومي لاستعجال قومي فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من الأهوال الصعاب التي تعظم في الشهود صورها

[أن الله ذكر أخبار القرون الماضية لتكون على حذر من الأسباب التي أخذهم الله بها أخذته الرابية]

واعلم أن الله ما ذكر أخبار القرون الماضية إلا لتكون على حذر من الأسباب التي أخذهم الله بها أخذته الرابية وبطش بهم البطش الشديد وأما الموت فأنفاس معدودة وآجال محدودة وليس الخوف إلا من أخذه وبطشه لا من لقائه فإن لقاءه يسر الولي والموت سبب اللقاء فهو أسنى تحفة يتحفها المؤمن فكيف به إذا كان عالما بخ على بخ ويتضمن هذا المنزل من العلوم علم الرحمتين وعلم قرب السعي من قرب الشبر والذراع وهو القرب المحدود وعلم الرتق والفتق وعلم المتشابه من المحكم وعلم الأبد وعلوم الأدلة وعلم الاتباع وما يسعد منه وما يشقى وعلم ثبوت الأمور ومرتبة الحكم والحكم وعلم الجزاء الوفاق وعلم الخبر بالإجابة إلى المكروه كإجابة أولاد أم عيسى وعلم التلبيس فيهبك متاعك من غير الوجهة التي تعرف منها أنه متاعك تلبيسا عليك فإذا انكشف الغطاء وكان البصر حديدا علمت أنه ما أعطاك إلا ما كان بيدك فما زادك من عنده ولا أفادك مما لديه إلا تغير الصور فمن وقف على هذا العلم قال بالري في مشروبه ومن حرمه لم يزل عاطشا والماء عنده الذي يرويه ولا يشعر به أنه عنده وهو من أسنى علم يوهبه العارفون بالله فهو كالمطر للأرض وليس عين ما تطلبه من الارتواء سوى بخارها صعد منها بخارا ثم نزل إليها مطرا فتغيرت صورته لاختلاف المحل فما شربت ولا ارتوت إلا من مائها ولو علمت ذلك ما حجبتها المعصرات فتحقق هذا النوع من العلم في العلم الإلهي فما أعطاك إلا منك وما هو عليه فلا يعلمه منه إلا هو فكل عالم فمن نفسه علمه فلذلك قال أهل الله لا يعرف الله إلا الله ولا النبي ولا الولي إلا الولي ويتضمن أيضا علم أسباب النجاة والسعادة وعلم الامتحانات بالعسر واليسر للصابر والشاكر وعلم المناسبة التي بها لم يمتثل أمر الله من عصى أمره ومن امتثله هل امتثله بأمر مناسب أو بعدم المناسب وعلم سبب تأثير الأدنى في الأعلى كتسليط الحيوانات على الإنسان كقرصة البرغوث إلى ما فوقها وقال تعالى أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وعلم مشاركة الحيوانات الإنسان في العلوم عن التجلي وعلم من رد كل ما أتاه من الحق من أين رده ومن رد بعضه من أين رده وهل يتساوى الحكم الإلهي فيهم أم لا وعلم من أين انهزم الصحابة يوم حنين وعلم مؤاخذة الأعلى بالأدنى إذا نصب دلالة نصبه من نصبه وعلم السوابق واللواحق وعلم الوحدة في عين الجمع وعلم المراتب والدرجات والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الأحد والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل الرؤية والقوة عليها والتداني والترقي والتلقي والتدلي وهو من الحضرة المحمدية والآدمية»

عجبت لعين كيف تدرك عينها *** وتعجز عن إدراك من قال إنها

ولم يك مشهود سواه وإنما *** شهود ورود الغيب عنها أجنها

[صورة تجلى الحق لعباده‏]

اعلم أيدك الله أن هذا المنزل بينه وبين المنزل الذي قبله تخالج‏

لكون النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم شبه رؤيتنا الله برؤيتنا القمر ليلة إبداره والشمس ليس دونها سحاب وإنه لا يدركنا في رؤيته ضيم ولا انضمام‏

ولا ضرر يقوم بنا ولا مضاررة

لغيرنا وقد أبان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لأمته عن صورة تجلى الحق لعباده بقول ما قاله نبي لأمته قبله وبهذا أثنى الله عليه فقال بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وأرسله رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ولم يخص مؤمنا من كافر

فقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لما حذر من الدجال في دعواه الألوهية فقال أقول لكم فيه قولا ما قاله نبي لأمته وما من نبي إلا قد حذر أمته الدجال ألا إن الدجال أعور العين اليمنى كان عينه عنبة طافية وإن ربكم ليس بأعور

فعرفنا بأي صورة نرى ربنا ولا يقال إنه أراد صورة لا تقبل العور فكانت فائدة الأخبار ترتفع فإن تلك الصورة كانت تعطي بذاتها نفي العور عنها وإنما لما كانت الصورة ممن يقبل ذلك بين لنا أنه ليس كذلك لما علم من وقوع الشبه فيما وقعت فيه السلامة من العيب وإنما كان الدجال أعور لأنه على نصف الصورة إذ لم يحز رتبة الكمال كما حازها أكثر الرجال ثم نرجع ونقول إن موسى لما كلمه ربه أدركه الطمع فقال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فسأل ما يجوز له السؤال فيه إذ كانت الرسل أعلم الناس بالله وأنه ذو إدراك يدركه به وأنه المدرك بالإدراك لا الإدراك فإنه عالم بأن الأبصار لا تدركه وإنما هي آلة يدرك بها وإنما منع موسى من الرؤية لكونه سألها عن غير أمر إلهي أوحي به إليه فإنهم أدباء لا يتبعون إلا ما يوحى به إليهم ولا سيما في الجناب الإلهي فلهذا قيل له لَنْ تَرانِي ثم استدرك استدراك لطيف بعبده لما انتهى فيه حد عقوبة فوت الأدب بالسؤال ابتداء الذي حمله عليه شوقه فكان مثل السكران فلما علم إن الياس قد قام به فيما طلبه استدرك بالإحالة على الجبل في استقراره عند التجلي والجبل من الممكنات فتجلى له ربه فاندك عند ذلك التجلي لكون روحه ما أوجده الله لحفظ الصورة على الجبل مثل الأرواح المدبرة وإنما أوجده ليكون مسبحا له فلذلك لم تحفظ عليه صورة الجبلية وأثر فيه التجلي وحفظ روح موسى عليه السلام على موسى في صعقه عند رؤية ما رآه الجبل الذي كان حجابا عليه صورة نشأته فَلَمَّا أَفاقَ رجع موسى موسى وما رجع الجبل جبلا علم موسى أنه قد وقع منه ما كان ينبغي له أن لا يقع إلا بأمر إلهي فقال تُبْتُ إِلَيْكَ لما علم إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بوقوع هذا الجائز إذ ما تقدم لأحد من هذا النوع الإنساني إنه سأل ربه رؤيته ولا أنه رآه فلذلك ادعى موسى أنه أول المؤمنين‏

ثم أعلمنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنه ما منا أحد إلا سيرى ربه ويكلمه كفاحا

وهذا كله إعلام بالصورة التي يتجلى لنا فيها وهي الصورة التي خلقنا عليها ونحن نعلم قطعا إن ذوق الرسل فوق ذوق الأتباع بما لا يتقارب فلا تظن إن سؤال موسى رؤية ربه أنه فاقد للرؤية التي كانت حالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قوله ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله هذه الرؤية ما هي الرؤية التي طلبها موسى من ربه فإنها رؤية حاصلة له لعلو مرتبته فإن ذوق الصادق ما هو ذوق الصديق فالرؤية ثابتة بلا شك ذوقا ونقلا لا عقلا فإن رؤية الله تعالى من محارات العقول ومما يوقف عندها ولا يقطع عليها بحكم من أحكامها الثلاثة إذ ليس للأنبياء ولا للأولياء من أهل الله علم بالله يكون عن فكر قد طهرهم الله عن ذلك بل لهم فتوح المكاشفة بالحق فمن الرائين من يراه ولا يقيد ومنهم من يراه به ومنهم من يراه بنفسه ومنهم من لا يراه عنده وهو قد رآه ولا يعلم أنه رآه لأن هذا الصنف ليس بصاحب علامة في الحق ولا يعرف صورة ظهوره في الوجود ومنهم من لا يراه لعلمه بأن عينه لا تظهر هنا للعالم إلا بصور أحكام أعيان العالم وهو مجلاها فلا يقع الإدراك من الرائي إلا على صورة الحكم لا على العين فيعلم أنه ما رآه ولِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى‏ وهو العزيز الذي لا يرى من حيث هويته الحكيم في تجليه حتى يقال إنه رأى انظر إلى الصورة الظاهرة للعين في الجسم الصقيل وحقق رؤيتك فتجد تلك الصورة قد حالت بينك وبين إدراكك عين الجسم الصقيل الذي هو مجلاها فلا تراه أبدا والحق مجلى صور الممكنات فلم ير العالم إلا العالم في الحق لا بالحق وبالحق ثم لتعلم إن المرئي الذي هو الحق نور وأن الذي يدركه به الرائي إنما هو نور فنور اندرج في نور فكأنه عاد إلى أصله الذي ظهر منه فما رآه سواه وأنت من حيث عينك عين الظل لا عين النور بل النور ما تدرك به كل شي‏ء والنور من الأشياء فلا تدركه إلا من كونك حاملا للنور في عين ظلك والظل راحة والظلمة حجاب فإذا طلع كوكب الحق ووقع في قلب العبد استنار به القلب وأضاء فأزال عن صاحبه الحيرة والخوف فأخبر عن ربه بالصريح والإيماء وأنواع الإخبارات‏

[أن الأنبياء اختارت النوم على ظهورها لعلمها]

واعلم أن الأنبياء ما اختارت النوم على ظهورها إلا لعلمها أنه كل ما قابل الوجه فهو أفق له إذ كان لا يقابل الوجه إلا الأفق وثم أفق أدنى أي أقرب إلى الأرض وثم أفق أعلى وهو ما تقابله بوجهك عند استلقائك على‏

ظهرك وإذا كان التجلي في الصور دخله الحد والمقدار وأقرب القرب في ذلك أن يكون عين الخط الذي به تقسم الدائرة نصفين لظهور القوسين اللذين قرب بعضهما من بعض هو القرب الأول والقرب الثاني القرب الخطي الذي هو أقرب من حبل الوريد ولا تكون رؤية الحق أبدا حيث كانت إلا في منازلة بين عروج ونزول فالعروج منا والنزول منه فلنا التداني وله التدلي إذ لا يكون التدلي إلا من أعلى ولنا الترقي وله تلقي الوافدين عليه وذلك كله إعلام بالصورة التي يتجلى فيها لعباده وإنها ذات حد ومقدار ليدخل مع عباده تحت قوله في حكمه وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وكُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ أي جعلناه بِقَدَرٍ والرؤية مخلوقة فهي بقدر والتنوع في التجلي ظهور محدث عند المتجلي له فهو بقدر أ لا ترى تجليه بالحكم في الأعيان المتخذة آلهة للغيرة الإلهية حيث حكم وقضى أنه لا يعبد إلا إياه وكذا أخبر فقال وقَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ فعلماء الرسوم يحملون لفظ قضى على الأمر ونحن نحملها على الحكم كشفا وهو الصحيح فإنهم اعترفوا أنهم ما يعبدون هذه الأشياء إلا لتقربهم إلى الله زلفى فأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم ولهذا يقضي الحق حوائجهم إذا توسلوا بها إليه غيرة منه على المقام أن يهتضم وإن أخطئوا في النسبة فما أخطئوا في المقام ولهذا قال إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أي أنتم قلتم عنها إنها آلهة وإلا فسموهم فلو سموهم لقالوا هذا حجر أو شجر أو ما كان فتتميز عندهم بالاسمية إذ ما كل حجر عبد ولا اتخذ إلها ولا كل شجر ولا كل جسم منير ولا كل حيوان فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ عليهم بقوله قُلْ سَمُّوهُمْ‏

[لو لا الهوى ما عبد الله في غيره‏]

واعلم أنه لو لا الهوى ما عبد الله في غيره وإن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم وهو الواضع كل ما عبد وفيه قلت‏

وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى *** ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى‏

قال تعالى أَ فَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وأَضَلَّهُ الله عَلى‏ عِلْمٍ فلو لا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله فإذا كان يوم القيامة جسد الله الهوى كما يجسد الموت لقبول الذبح فإذا جسده قرره على ما حكم به فيمن قام به فحار وجاء بإله عليه فعذب في صورته وأفرد المحل عنه فحصل في النعيم وتجسد المعاني لا تنكر عندنا ولا عند علماء الرسوم فحكمه في هذا مثل الحكم الذي في‏

قوله لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر

فكان شيخنا أبو مدين رضي الله عنه يقول صدق يزال فيدخل صاحبه الجنة دونه ويبقى هو في النار صورة مجسدة أو يعود الكبر إلى من هو له فيأخذ كل ذي حق حقه‏

[أن الآلهة المتخذة من دون الله آلهة طائفتان‏]

واعلم أن الآلهة المتخذة من دون الله آلهة طائفتان منها من ادعت ما ادعى فيها مع علمهم في أنفسهم أنهم ليسوا كما ادعوا وإنما أحبوا الرئاسة وقصدوا إضلال العباد كفرعون وأمثاله وهم في الشقاء إلا أن تابوا وهم ممن تشهد عليهم ألسنتهم بما نطقت به من هذه الدعوى فما دونها مما يجب عنه السؤال فتنكر ومنها من ادعت ذلك على بصيرة وصحو وتحقق معرفة في مجلس لقرينة حال اقتضاها المجلس لما رأوا أن الحق عين قواهم وما هم هم إلا بقواهم وبقواهم يقولون ما يقولون فقواهم القائلة لا هم وهي عين الحق كما أخبر الحق وكما أعطاه الشهود بانخراق العادة في قولهم عندهم فقالوا أنا الله وإني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدون كأبي يزيد ممن نقل عنه مثل هذا مع صحوه وثبوته وعلمه بأن الحق هو الظاهر بأفعاله في أعيان الممكنات وإنه في بعض الأعيان قد نص أنه هو وفي بعض الأعيان لم يذكر أنه هو ولذلك قال بعض العارفين في حق التلميذ الذي استغنى بالله على زعمه عن رؤية أبي يزيد لأن يرى أبا يزيد مرة خير له من أن يرى الله ألف مرة فعبر أبو يزيد فقيل له هذا أبو يزيد فعند ما وقع بصره عليه مات التلميذ فقيل لأبي يزيد في موته فقال رأى ما لا يطيق لأنه تجلى له من حيث أنا فلم يطقه كما صعق موسى لأن الله من حيث أنا مجلاه أعظم من حيث المجلى الذي كان يشهده فيه ذلك المريد ومنها من ادعت ذلك في حال سكر كالحلاج فقال قول سكران فحبط وخلط لحكم السكر عليه وما أخلص‏

قد تصبرت وهل يصبر *** قلبي عن فؤادي‏

مازجت روحك روحي *** في دنوي وبعادي‏

فأنا أنت كما أنك *** أني ومرادي‏

فهذا سعد وإن شقي به آخرون فلا جناح عليه ولا حرج لأنه سكران وهم المسئولون ومثل هذا أيضا يلحق بأهل السعادة وإن ضل به عالم فما إضلالهم بمقصود له فهؤلاء أصناف ثلاثة ادعوا الألوهة لأنفسهم فشقي بها واحد من الثلاثة وسعد اثنان وأما الطائفة الأخرى فادعيت فيها الألوهة ولم تدعها لنفسها كالأحجار والنبات والحيوان وبعض الأناسي والأملاك والكواكب والأنوار والجن وجميع من عبد واتخذ إلها من غير دعوى منه فهؤلاء كلهم سعداء والذين اتخذوهم إذا ماتوا على ذلك أشقياء ومن هؤلاء تقع البراءة يوم القيامة من الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ما لم يتوبوا قبل الموت ممن يقبل صفة التوبة وليس إلا الجن وهذا النوع الإنساني ومهما علم بذلك المتخذ ولم ينصح ولا وقعت منه البراءة هنا مع كونه لم يدع ذلك ولكنه سكت فإذا عذب الله غدا المشركين الذين ذكرهم الله أنه لا يغفر لهم فإنما يعذبهم من حيث إنهم ظلموا أنفسهم ووقعوا في خلق بكلام ودعوى ساءتهم وتوجهت منهم عليهم حقوق في أغراضهم يطلبونهم بها فمؤاخذة المشركين لحق الغير لا من جهة نفسه تعالى وظلم أنفسهم أعظم من ظلم الغير عند الله بدليل ما جاء في الذي يقتل نفسه من تحريم الجنة عليه فعظم الوعيد في حقه فإذا كان يوم القيامة وأدخل المشركون دار الشقاء وهي جهنم أدخل معهم جميع من عبدوه إلا من هو من أهل الجنة وعمارها فإنهم لا يدخلون معهم لكن تدخل معهم المثل التي كانوا يصورونها في الدنيا فيعبدونها لكونها على صورة من اعتقدوا فيه أنه إله فهم يدخلون النار للعقاب والانتقام والمعبودون يدخلونها لا للانتقام فإنهم ما ادعوا ذلك ولا المثل وإنما أدخلوها نكاية في حق العابدين لها فيعذبهم الله بشهودهم إياهم حتى يعلموا أنهم لا يغنون عنهم من الله شيئا لكونهم ليسوا بآلهة كما ادعوه فيهم قال تعالى إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ وقد قرئ حطب جهنم وقال وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ وقال لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وقال فيمن عبد من أهل السعادة كمحمد وعيسى عليه السلام والخلفاء من بعده ومن ذكرناه من مدع عن صحو وعن سكران الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى‏ أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وهُمْ في ما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ فمن كان مشتهاه ربه فهذه صفته وإنما قال لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وهُمْ في ما اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لما يؤثر ذلك السماع في صاحبه من الخوف لأنه ليس هو في تلك الحال بصاحب غضب فيلتذ بالانتقام فإن الغضب لله إنما يقع في دار التكليف وهنالك لا نصيب للغضب في السعداء فإنه موطن شفاعة وشفقة ورحمة من السعداء فلا يغضب في ذلك الموطن إلا الله والسعداء مشغولون بالله في تسكين ذلك الغضب الإلهي بما تعطيه أنواع التسكين كما

يقول محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في بعض المواطن سحقا سحقا

طلبا للتسكين والموافقة ثم بعد ذلك يشفع في تلك الطائفة عينها لتنوع ما يظهر الحق به في ذلك الموطن فمن سمع حسيسها من السعداء الأكابر أثر ذلك السماع فيهم خوفا على أممهم لا على نفوسهم فإذا بلغت بهم العقوبة حدها وانقضت فيهم بالعدل مدتها جسدت أهواؤهم التي بها عبدوا غير الله على صور ما اعتقدوه إلها حين عبدوه وعلى صور بواطنهم فوقع العذاب بصور مجسدة ليبقى حكم الأسماء دائما ويبقى سكان الدار من الناس حيث هم أهلها في نعيم بها ينظرون إلى صور أهوائهم معذبة فينعمون بها فإنها دار تتجسد فيها المعاني صورا قائمة يشهدها البصر كالموت في صورة كبش أملح فيذبحه يحيى عليه السلام بين الجنة والنار لأن الحياة ضد الموت فلا يزول الموت إلا بوجود الحياة وبهذه الصور المخلوقة يكون مل‏ء النار والجنة فإنه أخبر الجنة والنار أنه سبحانه يملأ كل واحدة فقال لهما إن لكل واحدة منكما ملأها فإذا نزلوا فيها وبقي منها أماكن لم يبلغها عمارة أهلها أنشأ إرادات أهل الدارين صورا قائمة ملأهما بها وهذه الصور من الفرقتين المعبر عنهما بالقدمين ففي أهل السعادة أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي سابق عناية بأن يخلق إرادتهم طاعة الله وعبادته صورا متجسدة وأعمالهم وقد ورد أن أعمال العباد ترد عليهم في قبورهم في صور حسنة تؤنسهم وفي صور قبيحة توحشهم فتلك الصور تدخل معهم في دار السعادة والشقاء وبها يكون ملؤهما وأما دار الشقاء إذا طلبت ملأها من الله وضع فيها الجبار قدمه فلهم قدم أيضا كما كان لأهل السعادة أي سابق عناية يظهر العذاب في ذلك القدم وهو أهواؤهم فدار السعداء التي هي الجنة نعيم كلها ليس فيها شي‏ء يغاير النعيم ودار الأشقياء ممتزجة بين منعم ومعذب فإن فيها ملائكة العذاب لهم نعيم في تعذيب من سلطهم الله عليه فلا نعيم لهم إلا بالانتقام‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!