Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام التوحيد

هل هو بالذات على حكم من *** يراه أو بالوصف يا عاقل‏

[الصحبة تطلب المناسب‏]

اعلم أيدك الله لما كانت الصحبة تطلب المناسب وهو يقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ودليل العقل يقضي به فله السيادة والعالم عبيد فخدمة لا صحبة وإنما امتنعت الصحبة من الطرف الواحد وصحت من الطرف الآخر لما نذكره فالحق ليس بصاحب لا حد من المخلوقين إلا بالصحبة التي أرادها الشارع في‏

قوله أنت الصاحب في السفر

بذلك المعنى كما اتخذناه وكيلا فيما هو ملكه ولأنه الفعال لما يريد كما قال ما يكون فعالا لما تريد أنت إلا إن توافق إرادتك إرادته وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله أن تشاءوا فمن حيث إنه أراد فعل لا من حيث إنك أردت والصاحب من يترك إرادته لإرادة صاحبه وهذا في جناب الحق محال فلا يصحب الرب إلا ربوبيته لكن يصحبه العالم لصحة هذا الشرط منه فمن صحبه من العالم ترك إرادته وغرضه ومحابه ومراضيه لإرادة سيده وإن كره ذلك العبد فإن دعواه في الصحبة تجعله أن يوافق ويحمل ذلك وكذلك النبي لا يصحب إلا نبوته فإنه لا يتمكن للنبي أن يكون مع صاحبه بحيث ما يريد صاحبه منه وإنما هو مع ما

يوحى إليه به لا يفعل إلا بحسبه فيصحب ولا يصحب ولهذا ليست الصحبة فعل فاعلين وكذلك الملك لا يصحب سوى ملكه فيصحب أيضا ولا يصحب فإن الناس مع الرسول في صحبتهم بحكم ما يشرع لهم ما هم بحكم إرادتهم برهانه فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً فلذلك صحبوه وما صحبهم والورثة أهل الإلقاء الإلهي يصحبون ولا يصحبون فإنهم مع ما يلقي الله إليهم كتقرير حكم المجتهد يحرم عليه العدول عنه فلا يصحب مؤمن مؤمنا أبدا لأنه لا يمكن له الوفاء معه على الإطلاق بحق الصحبة فإن المؤمن تحت حكم شرعه‏

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها

فالمحكوم عليه لا يمكن أن يكون صاحبا لأحد كالعبد لا يتمكن له أن يصحب غير سيده لأنه ما هو بحكم نفسه فيمشي على أغراض صاحبه بل هو بحكم سيده فالصحبة لا تصح إلا من الطرف الواحد وهو الأدنى وقد نبهناك فاعلم وقف عند حدك حتى تعلم أنك صاحب أو مصحوب فاعمل بحسب ذلك والكامل من لا يزال صاحبا أبدا

(الباب الثاني والسبعون ومائة في معرفة مقام التوحيد)

دمية في القلب قد نصبت *** ما لها روح ولا جسد

كتبت فيه عقيدتها *** بمداد كله جسد

أحد ما مثله أحد *** بجمال النعت منفرد

مصدر الأكوان حضرته *** وهو لا شفع ولا عدد

الذي قام الوجود به *** أمرنا عليه ينعقد

وأنا العبد الفقير به *** وهو المحسان والصمد

فأعجبوا من حكمة وجدت *** نعم والرحمن ما وجدوا

حكمة تحوي على حكم *** نالها الحساد إذ حسدوا

أبد يعنو إلى أزل *** أزل يمده الأبد

كل من يجري إلى أمد *** سيرى وما له أمد

هكذا التوحيد فاعتبروا *** واحد في واحد أحد

[التوحيد التعمل في حصول العلم في نفس الإنسان‏]

اعلم أن التوحيد التعمل في حصول العلم في نفس الإنسان أو الطالب بأن الله الذي أوجده واحد لا شريك له في ألوهيته والوحدة صفة الحق والاسم منه الأحد والواحد وأما الوحدانية فقيام الوحدة بالواحد من حيث إنها لا تعقل إلا بقيامها بالواحد وإن كانت نسبة وهي نسبة تنزيه فهذا معنى التوحيد كالتجريد والتفريد وهو التعمل في حصول الانفراد الذي إذا نسب إلى الموصوف به سمي الموصوف به فردا أو منفردا أو متفردا إذا سمي به فالتوحيد نسبة فعل من الموحد يحصل في نفس العالم به إن الله واحد قال تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا وقد وجد الصلاح وهو بقاء العالم‏

ووجوده فدل على أن الموجد له لو لم يكن واحدا ما صح وجود العالم هذا دليل الحق فيه على أحديته وطابق الدليل العقلي في ذلك ولو كان غير هذا من الأدلة أدل منه عليه لعدل إليه وجاء به وما عرفنا بهذا ولا بالطريق إليه في الدلالة عليه وقد تكلف قوم الدلالة عليه بطريق آخر وقدحوا في هذه الدلالة فجمعوا بين الجهل فيما نصبه الحق دليلا على أحديته وبين سوء الأدب فأما جهلهم فكونهم ما عرفوا موضح الدلالة على توحيده في هذه الآية حتى قدحوا فيه وأما سوء الأدب فمعارضتهم بما دخلوا فيها بالأمور القادحة فجعلوا نظرهم في توحيده أتم في الدلالة مما دل به الحق على أحديته وما ذهب إلى هذا إلا المتأخرون من المتكلمين الناظرين في هذا الشأن وأما المتقدمون كأبي حامد وإمام الحرمين وأبي إسحاق الأسفراييني والشيخ أبي الحسن فما عرجوا عن هذه الدلالة وسعوا في تقريرها وأبانوا عن استقامتها أدبا مع الله تعالى وعلما بموضع الدلالة منها

[أن توحيد الله فرع إثبات وجوده تعالى‏]

واعلم أن الكلام في توحيد الله من كونه إلها فرع عن إثبات وجوده وهذا باب التوحيد فلا حاجة لنا في إثبات الوجود فإنه ثابت عند الذي نازعنا في توحيده وأما إثبات وجوده فمدرك بضرورة العقل لوجود ترجيح الممكن بأحد الحكمين‏

[إثبات توحيده تعالى في الطريقين‏]

ولنا في توحيده طريقان الطريق الواحدة أن يقال للمشرك قد اجتمعنا في العلم بأن ثم مخصصا وقد ثبت عينه وأقل ما يكون واحدا فمن زاد على الواحد فليدل عليه فعليك بالدليل على ثبوت الزائد الذي جعلته شريكا فليكن الخصم هو الذي يتكلف إثبات ذلك والطريقة الأخرى قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا هذه مقدمة والمقدمة الأخرى السماء والأرض وأعني بهما كل ما سوى الله ما فسدتا وهذه هي المقدمة الأخرى والجامع بين المقدمتين وهو الرابط الفساد فانتجنا أحدية المخصص وهي المطلوب وإنما قلنا ذلك لأنه لو كان ثم إله زائد على الواحد لم يخل هذا الزائد إما أن يتفقا في الإرادة أو يختلفا ولو اتفقا فليس بمحال أن يفرض الخلاف لننظر من تنفذ إرادته منهما فإن اختلفا حقيقة أو فرضا في الإرادة فلا يخلو إما أن ينفذ في الممكن حكم إرادتهما معا وهو محال لأن الممكن لا يقبل الضدين وإما أن لا ينفذ أو إما أن ينفذ حكم إرادة أحدهما دون الآخر فإن لم ينفذ حكم إرادتهما فليس واحد منهما بإله وقد وقع الترجيح فلا بد أن يكون أحدهما نافذ الإرادة وقصر الآخر عن تنفيذ إرادته فحصل العجز والإله ليس بعاجز فالإله من نفذت إرادته وهو الله الواحد لا شريك له وهكذا استدل الخليل عليه السلام في الأقوال فأعطاه النظر أن الأفول يناقض حفظ العالم فالإله لا يتصف بالأفول أو الأفول حادث لطروه على الآفل بعد أن لم يكن آفلا والإله لا يكون محلا للحوادث لبراهين أخر قريبة المأخذ وهذه الأنوار قد قبلت الأفول فليس واحد منها بإله وهذه بعينها طريقة قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا وكل دليل لا يرجع إلى هذا المعنى فلا يكون دليلا ثم قال الله تعالى في قصة إبراهيم هذه وتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ولم يكن له غير هذا فقوله حُجَّتُنا أي مثل حجتنا التي نصبناها دليلا على توحيدنا وهي قولنا لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا وهذه الأدلة وأمثالها إنما المطلوب بها توحيد الله أي ما ثم إله آخر زائد على هذا الواحد وأما أحدية الذات في نفسها فلا تعرف لها ماهية حتى يحكم عليها لأنها لا تشبه شيئا من العالم ولا يشبهها شي‏ء فلا يتعرض العاقل إلى الكلام في ذاته إلا بخبر من عنده ومع إتيان الخبر فإنا نجهل نسبة ذلك الحكم إليه لجهلنا به بل نؤمن به على ما قاله وعلى ما يعلمه فإن الدليل ما يقوم إلا على نفي التشبيه شرعا وعقلا فهذه طريقة قريبة عليها أكثر علماء النظر وأما الموحد بنور الايمان الزائد على نور العقل وهو الذي يعطي السعادة وهو نور لا يحصل عن دليل أصلا وإنما يكون عن عناية إلهية بمن وجد عنده ومتعلقة صدق المخبر فيما أخبر به عن نفسه خاصة ليس متعلق الايمان أكثر من هذا فإن كشف متعلق الخبر فبنور آخر ليس نور الايمان لكن لا يفارقه نور الايمان وذلك النور هو الذي يكشف له عن أحدية نفسه وأحدية كل موجود التي بها يتميز عن غيره سواء كانت ثم صفة يقع فيها الاشتراك أو لا يكون لا بد من أحدية تخصه يقع بها الامتياز له عن غيره فلما كشف للعبد هذا النور أحدية الموجودات علم قطعا بهذا النور ان الله تعالى له أحدية تخصه فأما أن تكون عينه فيكون أحدي الذات أحدي المرتبة وهي عينها وأما أن يكون أحدية المرتبة فيوافق الكشف الدليل النظري ويعلم قطعا أن الذات على أحدية تخصها هي عينها وهذا معنى قول أبي العتاهية

وفي كل شي‏ء له آية *** تدل على أنه واحد

وتلك الآية أحدية كل معلوم سواء كان كثيرا أو غير كثير فإن للكثرة أحدية الكثرة لا تكون لغيرها البتة والأحدية صفة تنزيه على الحقيقة فلا تكون بجعل جاعل كما يراه بعض أصحابنا فمن قال إنه وحد الواحد ويريد به ما يريد بالوحدة فليس بصحيح وإن أراد بقوله وحد الواحد ويعني به القبائل الثاني فهذا يصح وإنما الواحد من حيث عينه هو واحد لنفسه فأهل طريق الله رأوا أن التوحيد إذا ثبت أنه عين الشرك فإن الواحد لنفسه لا يكون واحدا بإثباتك إياه واحدا فما أنت أثبته بل هو ثابت لنفسه وأنت علمت أنه واحد لا أنك أثبت أنه واحد فلهذا قال من أصحابنا قوله إذ كل من وحده جاحد لأن الواحد لا يوحد لأنه لا يقبل ذلك لأنه لو قبل ذلك لكان اثنين وحدته في نفسه ووحدة الموحد التي أثبتها له فيكون واحدا بنفسه وواحدا بإثبات الوحدة له من غيره فيكون ذا وحدتين فينتفي كونه واحدا وكل أمر لا يصح إثباته إلا بنفيه فلا يكون له ثبوت أصلا فالتوحيد على الحقيقة منا له سكوت خاصة ظاهرا وباطنا فمهما تكلم أوجد وإذا أوجد أشرك والسكون صفة عدمية فيبقى توحيد الوجود له وما دخل الشرك في توحيده إلا بإيجاد الخلق لأن الخلق استدعى بحقائقه نسبا مختلفة تطلب الكثرة في الحكم وإن كانت العين واحدة فما طرأت الآفة في التوحيد إلا من الإيجاد فالتوحيد جنى على نفسه لم تجن عليه الموجودات وهذا هو علم التوحيد الوهبي الذي لا يدرك بالنظر الفكري وكل توحيد يعطيه النظر الفكري هو كسبي عند الطائفة

[أن الشرع ما تعرض لاحدية الذات في نفسها بشي‏ء]

واعلم أن الشرع ما تعرض لاحدية الذات في نفسها بشي‏ء وإنما نص على توحيد الألوهية وأحديتها بأنه لا إله إلا هو وإنما ذلك من فضول العقل لأن العقل عنده فضول كثير أداه إليه حكم الفكر عليه وجميع القوي التي في الإنسان فلا شي‏ء أكثر تقليدا من العقل وهو يتخيل أنه صاحب دليل إلهي وإنما هو صاحب دليل فكري فإن دليل الفكر يمشي به حيث يريد والعقل كالأعمى بل هو أعمى عن طريق الحق فأهل الله لم يقلدوا أفكارهم فإن المخلوق لا يقلد المخلوق فجنحوا إلى تقليد الله فعرفوا الله بالله فهو بحسب ما قال عن نفسه ما هو بحسب ما حكم فضول العقل عليه وكيف ينبغي للعاقل أن يقلد القوة المفكرة وهو يقسم النظر الفكري إلى صحيح وإلى فاسد ولا بد له أن يحتاج إلى فارق بين صحيحه وفاسده ومحال أن يفرق بين صحيح النظر الفكر وفاسده بالنظر الفكري فلا بد أن يحتاج إلى الله في ذلك فالذي نلجأ إليه في تمييز النظر الفكري صحيحه من فاسده حتى نحكم به نلجأ إليه ابتداء في أن يعطينا العلم بذلك المطلوب من غير استعمال فكر وعليه عولت الطائفة وعملت به وهو علم الأنبياء والرسل وأولي العلم من أهل الله ولم تتعد بأفكارها محالها وعلمت أن غايتها في الإدراك الصحيح في زعمها أن تبنى أدلتها على

الأمور الحسية والبديهية وقد حكمت بغلط الحس ابتداء في أشياء وبالقدح في البديهيات ثم رجعت تأخذها مصادرة لتعذر الدلالة عليها فالرجوع إلى الله أولى في الأمور كلها كما قال وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وهذا من جملة الأمر فلا علم إلا العلم المأخوذ عن الله فهو العالم سبحانه وحده والمعلم الذي لا يدخل على المتعلم منه فيما يأخذه عنه شبهة ونحن المقلدون له والذي عنده حق فنحن في تقليدنا إياه فيما أعلمنا به أولى باسم العلماء من أصحاب النظر الفكري الذين قلدوه فيما أعطاهم لا جرم أنهم لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ في العلم بالله والأنبياء مع كثرتهم وتباعد ما بينهم من الأعصار لا خلاف عندهم في العلم بالله لأنهم أخذوه عن الله وكذلك أهل الله وخاصته فالمتأخر يصدق المتقدم ويشد بعضهم بعضا ولو لم يكن ثم إلا هذا لكفى ووجب الأخذ عنهم وهذا الباب أعني باب التوحيد يعطي المناسبة من وجه وقد قال بذلك جماعة من أهل الله كأبي حامد وغيره من شيوخنا ولا يعطي المناسبة من وجه وقد قال به جماعة من أصحابنا كأبي العباس بن العريف الصنهاجى ونفوا المناسبة جملة والذي أذهب إليه وأقول به على ما أصلناه أولا أن لا نقلد في علمنا بالله وبغير الله إلا الله فنحن بحسب ما يلقى إلينا في حق نفسه فإن خاطبنا بالمناسبة قلنا بها حيث خاطبنا لا نتعدى ذلك الموضع ونقتصر عليه وإن خاطبنا برفع المناسبة رفعناها في ذلك الموطن الذي رفعها فيه لا نتعداه فيكون الحكم له لا لنا فلا نزال نصيب أبدا ولا نخطى‏ء وهو المعبر عنه بالعصمة في حق الأنبياء عليه السلام والحفظ في حق الأولياء ومتى ما لم يخبر عن الله فالإصابة إذا حصلت منه للحق اتفاقية بالنظر إليه مقصودة بالنظر إلى الحق هذا هو الذي نعتمد عليه فقوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ

على زيادة الكاف رفع للمناسبة الشيئية وتمام الآية وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ إثبات للمناسبة والآية واحدة والكلمات مختلفة فلا نعدل عن هذه المحجة فهي أقوى حجة وهي ما ذهبنا إليه من تقليد الحق فإنه طريق العلم والنجاة في الدنيا والآخرة وهي طريق النبيين والمرسلين والقائلين بالفيض من الإلهيين فإذا جاءك من الله علم فلا تدخله في ميزان الفكر ولا تجعل لعقلك سبيلا إلى ذلك فتهلك من ساعتك فإن العلم الإلهي لا يدخل في الميزان لأنه الواضع له فكيف يدخل واضعه تحت حكمه النائب لا يحكم على من استخلفه وإنما يحكم على من استخلف عليه والعلم يناقض العقل فإن العقل قيد والعلم ما حصل عن علامة وأدل العلامات على الشي‏ء نفس الشي‏ء وكل علامة سواها فالإصابة فيها بالنظر إلينا اتفاقي وهذا القدر في هذا الباب على حكم طريقنا كاف في الغرض المقصود والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(وصل) في الوتر

وهو نوع من أنواع التوحيد اعلم أن الوتر في لسان العرب هو طلب الثأر فأحدية الحق إنما اتصفت بالوتر لطلبها الثأر من الأحدية التي للواحد الذي أظهر الاثنين بوجوده فما زاد إلى ما لا يتناهى من الأعداد فلما أزال بهذا الظهور حكم الأحدية فصارت أحدية الحق تطلب ثار الأحدية المزالة التي أذهب عينها هذا الواحد الذي بوجوده ظهرت الكثرة وتطلب الوحدانية فتسمى بالوتر لهذا الطلب فوكل هذا الواحد من ينوب عنه في الذب عنه فأقام العارف وكيلا بلسان حق فقال أيها الحاكم الطالب ثار الأحدية ما ذهبت الأحدية بل هذا الذي تطلبه ما أعطى الاثنينية ولا الثلاثة ولا الأربعة فصاعدا فإنه لا يعطي ما لا يقتضيه حقيقته وإنما الذي أعطانا الاثنين أحدية الاثنين وأحدية الثلاثة والأربعة بالغا ما بلغ العدد وذلك لتستدل أعيان الأعداد بأحديتها تلك على أحديتك فما سعت إلا في حقك ومن أجلك إذ تعلم أن الأعداد ما ظهرت في الكون إلا من حكم الأسماء الإلهية فإنها كثرة ومع كثرتها فالأحدية لها متحققة فأراد هذا الواحد أن لا يجهل أعيان الأعداد أحدية الأسماء حتى لا تتوهم الكثرة في جناب الله فأعطى في كل عدد أحدية ذلك العدد غيرة من وجود الكثرة المذهبة لعين الأحدية والوحدة فقبل عذره وعلم أنه متخلق في ذلك بأخلاق أحدية الحق في إقامة أحدية الأسماء الكثيرة ومشى عليه اسم الوتر للغيرة فالله وتر يحب الوتر وسيأتي في الباب الذي بعد هذا العلم بالكثرة والاشتراك إن شاء الله‏

(وصل) في الفرد

وأما الفرد فهو من حكم هذا الباب ويسمى به لانفراده بما يتميز به عن خلقه فما هو فرد من حيث ما هو واحد فإنه واحد لنفسه وفرد لتميزه عن أحدية كل شي‏ء ولا يصح الفرد لغيره سبحانه فإنه كل ما سوى الله فيه اشتراك بعضه مع بعض ويتميز بأحديته ولا ينفرد فإن صفة الاشتراك تمنع من ذلك فلا يصح اسم الفرد على الحقيقة إلا لله الحق خاصة فإنه الفرد من جميع الوجوه إذ لم تكن له صفة اشتراك كما لسواه من الموجودات ولذلك تطلب الحدود الموجودات والله لا يطلبه حد ولا يقابله مثل ولا ضد تعالى الله وأسماؤه كلها لها الفردية فإنها له نسب لا أعيان فيأخذ الحد ذلك الاسم إذا دل على الحادث ولا يأخذه الحد إذا سميت به الله تعالى فتحد اللفظ ولا تحد مدلوله إلا إذ كان مدلوله حادثا لا غير ولا يلزم من الاشتراك في اللفظ الاشتراك في المعنى لأن اللفظ لك لا له وأنت مشترك فيك فلهذا قيل اللفظ الاشتراك أ لا ترى الألفاظ المشتركة كالمشتري ليس الاشتراك إلا في إطلاق الاسم ولهذا يقع التفصيل إذا طولب بالحد صاحبه فيقال أي مشتر تريد المشتري الذي هو كوكب في السماء أو المشتري الذي هو عاقد البيع فإذا حده تميز كل عين عن صاحبتها فليس في اللفظ من ماهية المدلول شي‏ء فبهذا تقول في الحق سميع وبصير وله يد ويدان أو أيد وأعين ورجل وجميع ما أطلقه على نفسه مما لا يتمكن للعقل أن يطلقه عليه لأنه لم يعلم ذلك الإطلاق إلا على المحدثات ولو لا الشرع والأخبار النبوية الإلهية ما جاءت بها ما أطلقناها عقلا عليه ومع هذا فننفي التشبيه ولا يتناول أمرا بعينه لجهلنا بذاته وإنما نفينا التشبيه بقوله ليس كمثله شي‏ء لا بما أعطاه الدليل العقلي حتى لا يحكم عليه إلا كلامه تعالى وبهذا نحب نلقاه إذا لقيناه وكشف عن بصائرنا وأبصارنا غطاء العمي إن كان يمكن كشفه مطلقا أو يكشف منه ما يمكن كشفه إما على التساوي في حق الجميع وإما على التفاضل في حق العباد فينفرد كل شخص برؤية لا تكون لغيره ولا يصح الكشف‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!