و ما أتاه لعتاب لا *** لكونه ظاهرا بخلق
فمن تجلى بكل مجلى *** حاز بمجلاه كل أفق
فاحذر هذه الحضرة فإن فيها مكرا خفيا و استدراجا لطيفا فإن الغني معظم في العموم حيث ظهر و فيمن ظهر و الخصوص ما لهم نظر إلا في الفقر فإنه شرفهم فلا يبرحون في شهود دائم مع اللّٰه ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] و ما راعى الحق في عتبة لرسوله ﷺ إلا جهل من جهل من الحاضرين أو من يبلغه ذلك من الناس بمن تصدى له رسول اللّٰه ﷺ فلو عرفوا الأمر الذي تصدى له رسول اللّٰه ﷺ ما عاتبه و لا كان يصدر منهم ما صدر من الأنفة من مجالسته ﷺ الأعبد فهل هذا إلا من ذهولهم عن عبوديتهم للذي اتخذوه إلها و ما تلهى رسول اللّٰه ﷺ عن الأعمى إلا لحبه في الفال و ما جاء اللّٰه تعالى بالأعمى إلا لبيان حال مخبر رسول اللّٰه ﷺ بعمي هؤلاء الرؤساء و علم بذلك رسول اللّٰه ﷺ و لكن وقف مع حرصه على إيمانهم و الوفاء بالتبليغ الذي أمره اللّٰه به و لأن صفة الفقر صفة نفس المخلوق و قد علم ﷺ أنه الدليل فإن الدليل لا يجتمع هو و المدلول و هو دليل على غنى الحق و قد تجلى في صورة هؤلاء الرؤساء فلا بد من قوع الأعراض عن الأعمى و الإقبال على أولئك الأغنياء و مع هذا كله وقع العتاب جبرا للأعمى و تعريفا بجهل أولئك الأغنياء فجبر اللّٰه قلب الأعمى و أنزل الأغنياء عما كان في نفوسهم من طلب العلو في الأرض فانكسروا لذلك و نزلوا عن كبريائهم بقدر ما حصل في نفوسهم من ذلك العتاب الإلهي و هذا القدر كاف
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية