﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و لا ندرك إلا الأمثال التي نهينا أن نضربها لله لجهلنا بالنسب التي بها هي أمثال و لما كانت البطون محال التكوين و الولادة و عنها ظهرت أعيان المولدات اتصف الحق بالباطن يقول إنه من كونه باطنا ظهر العالم عنه فنحن كنا مبطونين فيه فخذ ذلك عقلا لا و هما فإنك إن أخذته عقلا قبله العلم الصحيح و إن أخذته خيالا و هما رد عليك قوله ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ [الإخلاص:3] و لا ينبغي للعاقل أن يشرع في أمر يمكن أن يرد عليه مثل هذا و إذا أخذته عقلا دون تخيل وقعت على عين الأمر فإنه لا بد لنا من مستند نستند إليه في وجودنا لما أعطاه إمكاننا من وجود المرجح الذي رجح وجودنا على عدمنا إلا أنه باطن عنا لعدم المناسبة بيننا إذ نحن بعيننا و جملتنا و تفصيلنا محكوم علينا بالإمكان فلو ناسبنا في أمر ما و ذلك الأمر محكوم عليه بالإمكان لكان الحق محكوما عليه بالإمكان و هو واجب لنفسه من حيث نفسه فارتفعت المناسبة و إذا لم يناسبنا لم نناسبه فلنا الاستناد إليه لعدم المناسبة و من وجه للمناسبة و له تعالى الغي عن العالم لأن محبته أن يعرف هي أنه لا يعرف فهذا حد معرفتنا به إذ لو عرف لم يبطن و هو الباطن الذي لا يظهر كما أنه أيضا في المأخذ الثاني أنه الباطن حيث هو في قلب عبده المؤمن الذي وسعه فهو باطن في العبد و العبد لا يشاهد باطنه فلا يشاهد ما هو مبطون فيه فمن الوجهين ما نراه ثم إنه إذا كان كما قال قوى العبد و سمعه و بصره و العبد يرى ببصره فيرى بربه ما يرى بصره و لا يرى شيئا من قواه و الحق جميع قواه فما يرى ربه و بهذا يفرق بين العلم و الرؤية فإنا نعلم بالإيمان و نوره في قلوبنا إنه قوانا و لا نشهد ذلك بصرا فنحن ندركه لا ندركه و الأبصار لا تدركه فإذا كان بصرنا فإنه في هذه الحالة لا يدرك نفسه لأنه في حجابنا إذ كان بصرنا و إذا كان الأمر على هذا فبعيد أن ندركه و أما قوله ﴿لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ﴾ [الأنعام:103]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية