فقد تسمى في هذه الآية بكل ما يفتقر إليه فكل ما يفتقر إليه فهو اسم لله تعالى إذ لا فقر إلا إليه و إن لم يطلق عليه لفظ من ذلك فنحن إنما نعتبر المعاني التي تفيدنا العلوم و أما التحجير و رفع التحجير في الإطلاق عليه سبحانه فذلك إلى اللّٰه فما اقتصر عليه من الألفاظ في الإطلاق اقتصرنا عليه فإنا لا نسميه إلا بما سمي به نفسه و ما منع من ذلك منعناه أدبا مع اللّٰه فإنما نحن به و له فلنذكر في هذا الباب الحضرات الإلهية التي كنى اللّٰه عنها بالأسماء الحسنى حضرة حضرة و لنقتصر منها على مائة حضرة ثم نتبع ذلك بفصول مما يرجع كل فصل منها إلى هذا الباب فمن ذلك لحضرة الإلهية و هي الاسم اللّٰه
اللّٰه اللّٰه اللّٰه الذي حكمت *** آياته أنه في كونه اللّٰه
سبحانه جل أن يحظى به أحد *** من العباد فلا إله إلا هو
اختص باسم فلم يشركه من أحد *** فيه و ذلك قول القائل اللّٰه
و هي الحضرة الجامعة للحضرات كلها و لذلك ما عبد عابد لله إلا هي و بذا حكم تعالى في قوله ﴿وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ﴾ [الإسراء:23] و قوله ﴿أَنْتُمُ الْفُقَرٰاءُ إِلَى اللّٰهِ﴾ [فاطر:15]
فلله ما يخفى و لله ما بدا *** نعم بل هو اللّٰه الذي ليس إلا هو
[كل اسم إلهى له أثر في الكون]
و اعلم أنه لما كان في قوة الاسم اللّٰه بالوضع الأول كل اسم إلهي بل كل اسم له أثر في الكون يكون عن مسماه ناب مناب كل اسم لله تعالى فإذا قال قائل يا اللّٰه فانظر في حالة القائل التي بعثته على هذا النداء و انظر أي اسم إلهي يختص بتلك الحال فذلك الاسم الخاص هو الذي يناديه هذا الداعي بقوله يا اللّٰه لأن الاسم اللّٰه بالوضع الأول إنما مسماه ذات الحق عينها التي بيدها ﴿مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون:88] فلهذا ناب الاسم الدال عليها على الخصوص مناب كل اسم إلهي ثم إن لهذا المسمى من حيث رجوع الأمر كله إليه اسم كل مسمى يفتقر إليه من معدن و نبات و حيوان و إنسان و فلك و ملك و أمثال ذلك مما ينطلق عليه اسم مخلوق أو مبدع فهو تعالى المسمى بكل اسم لمسمى في العالم مما له أثر في الكون و ما ثم إلا من له أثر في الكون و أما تضمنه لأسماء التنزيه فمأخذ ذلك قريب جدا و إن كان كل اسم إلهي بهذه المثابة من حيث دلالته على ذات الحق جل جلاله و عز في سلطانه لكن لما كان ما عدا الاسم اللّٰه من الأسماء مع دلالته على ذات الحق يدل على معنى آخر من سلب أو إثبات بما فيه من الاشتقاق لم يقو في أحدية الدلالة على الذات قوة هذا الاسم كالرحمن و غيره من الأسماء الإلهية الحسنى و إن كان قد ورد قوله تعالى آمرا نبيه ص
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية