لم يكن غير تجلى إلهي في صورة ممكن لصورة ممكن ناظر بعين إلهي كما أنه ما سمع فيكون إلا بسمع إلهي و لهذا أسرع بالظهور لأنه المريد و المراد و القائل و المقول له و القول فحاله في التكوين أن ينطق بالله فينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّٰه ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ﴾ [البقرة:260] بأمره ﴿يَأْتِينَكَ سَعْياً﴾ [البقرة:260] لأنه السامع الذي دعاهن و لهذا الذكر من المعارف معرفة النفي و الإيجاب و التنكير و التعريف و له من الحروف الألف المزادة و الألف الطبيعية و الهمزة المكسورة و ألف الوصل و للام و الهاء و من الكلمات أربعة متقابلة في عين واحدة يقابل النفي منها الإثبات و الإثبات النفي و المنفي الثابت و الثابت المنفي فأما معرفة النفي فهو اطلاع على ما ليس هو فيما قيل فيه إنه هو و إن كان الذي قيل إنه هو صحيح كشفا لكنه محال عقلا و لهذا التزم بعض أهل اللّٰه ذكر اللّٰه اللّٰه و رأيت على هذا الذكر شيخنا أبا العباس العربي من أهل العليا من عرب الأندلس و التزم آخرون الهاء من اللّٰه لدلالتها على الهوية و جعله ذكر خاصة الخاصة و هو أبو حامد الغزالي و غيره و أما الأكابر فيلتزمون لا إله إلا اللّٰه على غير ما يعطيه النظر العقلي أي الوجود هو اللّٰه و العدم منفي الذات و العين بالنفي الذاتي و الثابت ثابت لذات و العين بالإثبات الذاتي و توجه النفي على النكرة و هو إله و توجه الإثبات على المعرفة و هو اللّٰه و إنما توجه النفي على النكرة و هو إله لأن تحتها كل شيء و ما من شيء إلا و له نصيب في الألوهة يدعيه فلهذا توجه عليه النفي لأن الإله من لا يتعين له نصيب فله الأنصباء كلها و لما عرف أن الإله حاز الأنصباء كلها عرفوا أنه مسمى اللّٰه و كل شيء له نصيب فهو اسم من أسماء مسمى اللّٰه فالكل أسماؤه فكل اسم دليل على الهوية بل هو عينها و لهذا قال ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] و هذا حكم كل اسم تدعونه له الأسماء الحسنى فله أسماء العالم كله فالعالم كله في المرتبة الحسنى فالأمر تنكير في عين تعريف و نكرة في عين معرفة و تعريف في عين تنكير و معرفة في عين نكرة فما ثم إلا منكور و معروف و أما حروف هذا الهجير فالألف المزادة و هي كل ألف لها موجب يوجب الزيادة فيها و الزيادة ظهور مثل على صورتها فتكون ألفان و الألف أبدا ساكنة فالظاهر أحد الألفين أبدا إما عبد و إما رب و إما حق و إما خلق و الموجب له في موطن رتبة التقدم و في موطن رتبة التأخر و هما موجبان الواحد ما يدل على الاتحاد و هو التضعيف و الآخر ما يدل على الباعث للتكوين أو الإعدام و هو التحقيق المعبر عنه بالمهمزة و قد يكون هذان الموجبان في مقام النزول مثل ﴿فَسْئَلِ الْعٰادِّينَ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية