إن قلت إني وحيد قال لي جسدي *** أ ليس مركبك التركيب و الجسد
فلا تقولن ما بالدار من أحد *** فالدار معمورة و الساكن الصمد
و ليس تخرب دار كان ساكنها *** من لا يقوم به غل و لا حسد
[ذكر اللّٰه على الطهارة]
قال اللّٰه تعالى ﴿وَ مٰا وَجَدْنٰا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنٰا أَكْثَرَهُمْ لَفٰاسِقِينَ﴾ [الأعراف:102] عن الوفاء بالعهد فإنا عهدنا إليهم أن يذكروني فأنفوا أن يذكروني إلا على طهارة كما «قال ﷺ إني كرهت إن أذكر اللّٰه إلا على طهر أو قال على» «طهارة» و رأوا هؤلاء نفوسهم غير طاهرة لما فيها من الدعاوي في الخير الذي قام بهم من عند اللّٰه فينسبونه لأنفسهم و ما أعطوا اللّٰه حقه من رد ذلك إليه كما فعل القليل من عباده إلى غير الدعاوي من الأمور التي لا تتصف النفوس بوجودها بالطهارة فهؤلاء غاروا إن يذكروا اللّٰه و هم الذين يذكرون اللّٰه سرا في نفوسهم و أما الذين يذكرونه علانية فإنهم شاهدوا قلوب العامة في غاية من الغفلة عن اللّٰه فقالوا إذا ذكرنا اللّٰه فيهم ذكروه فإنهم إذا سمعوا ذكر اللّٰه لم يتمكن لهم إلا أن يذكروه فيذكرونه بقلوب غافلة عما يجب لله من التعظيم فإذا كان مشهدهم هذا غاروا على اللّٰه فلم يذكروا و كان منهم الشبلي في أول حاله و غيره فما و في هؤلاء بعهد اللّٰه و لا كانوا على معرفة من اللّٰه و هذا حال أكثر أهل الطريق و لا سيما أهل الورع منهم فخرجوا بهذا عن العهد الذي عهد إليهم اللّٰه من ذكره في قوله ﴿اُذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ [الأحزاب:41] و ما قيد حالا من حال و هو قوله عليه السّلام الحمد لله على كل حال فإن القلب و إن غفل عن الذكر الذي هو حضوره مع المذكور فإن الإنسان من كونه سميعا قد سمع ذكر اللّٰه من لسان هذا الذاكر فخطر بالقلب و وعى ما جاء به هذا الذاكر و لم يجيء إلا بذكر اللسان الذي وقع بالسمع فجرد له هذا القلب ما يناسبه من الذاكرين منه و هو اللسان فذكر اللّٰه بلسانه موافقة لذكر ذلك الذاكر المذكر له و القلب مشغول في شأنه الذي كان فيه مع أنه لم يشتغل عن تحريك اللسان بالذكر فلم يشغله شأن عن شأن فما ذكر أحد اللّٰه عن غفلة قط و ما بقي إلا حضور باستفراغ له أو حضور بغير استفراغ بل بمشاركة و لكن زمان أمره اللسان بالذكر ما هو زمان اشتغاله بغيره فما ذكره غافل قط أي عن غفلة في حال أمر القلب اللسان بالذكر إلا في حال ذكر اللسان
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية