فإن مال الشيء لا يصح أن يكون واقعا فيرى إلا إن مثل للرائي فهو كأنه يراه فإن المال يقابل الحال فالحال موجود و المال ليس بموجود و لهذا سمي مالا و التأويل هو ما يؤول إليه حكم هذا المتشابه فهو محكم غير متشابه عند من يعلم تأويله و ليس إلا اللّٰه و الراسخ في العلم يقول ﴿آمَنّٰا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنٰا﴾ [آل عمران:7] يعني متشابهه و محكمه فإذا أشهده اللّٰه ما له فهو عنده محكم و زال عنه في حق هذا العالم التشابه فهو عنده كما هو عند اللّٰه من ذلك الوجه و هو عنده أيضا متشابه لصلاحيته إلى الطرفين من غير تخليص كما هو في نفس الأمر بحكم الوضع المصطلح عليه فهو و إن عرف تأويله فلم يزل عن حكمه متشابها فغاية علم العالم الذي أعلمه اللّٰه بما يؤول إليه علمه بالوجه الواحد لا بالوجهين فهو على الحقيقة ما زال عن كونه متشابها لأن الوجه الآخر يطلبه بما يدل عليه و يتضمنه كما طلبه الوجه الذي اعلم اللّٰه به هذا الشخص فعلم اللّٰه على الحقيقة به أن يعلم تأويله أي ما يؤول إليه من الجانبين في حق كل واحد أو الجوانب إن كانوا كثيرين فيعلمه متشابها لأنه كذا هو إذ كل جانب يطلبه بنصيبه و دلالته منه فالمحكم محكم لا يزول و المتشابه متشابه لا يزول و إنما قلنا ذلك لئلا يتخيل أن علم العالم بما يؤول إليه ذلك اللفظ في حق كل من له فيه حكم إنه يخرجه عن كونه متشابها ليس الأمر كذلك بل هو متشابه على أصله مع العلم بما يؤول إليه في حق كل من له نصيب فيه فهذه الإحاطة مجهولة و لا تعلم إلا في هذه المنازلة فيعطي من هذا المتشابه كل ذي حق حقه كما أعطى اللّٰه ﴿كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية