و لا يصح السجود إلى غير اللّٰه إلا لكون اللّٰه مع الخلق حيث كانوا فلا نعلمه و لا نجده إلا بالخلق فالسجود على الحقيقة لله الموصوف بالمعية مع الخلق و لهذا شرعت القبلة كما «قال ﷺ إن اللّٰه في قبلة المصلي» فالقبلة ما هي اللّٰه و اللّٰه فيها فأمرنا بالسجود لها لكون اللّٰه فيها و معها فمن رأى الخلق ببصره فقد رأى الحق ببصيرته مطلقا و ليس له إذا رأى ذلك أن يسجد له إلا إذا أمره بالسجود و إن كان لله فلا يقع في الحس إلا لغير اللّٰه أبدا لأنه لا يصح أن يقع السجود لله لأن اللّٰه بكل شيء محيط فالجهات كلها نسبتها أو نسبة الحق إليها على السواء و من خر على قفاه فما سجد لله و إن كان اللّٰه خلفه كما هو أمامه لكن اللّٰه ما راعى إلا وجهه لم يراع من جهات العبد سوى وجهه فلذلك لا يصح السجود لغير اللّٰه إلا عن أمر اللّٰه قال اللّٰه تعالى ﴿اُسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ [البقرة:34] فالسجود لغير اللّٰه و العبادة لله لا تكون لغير اللّٰه أبدا فإنه لا أعظم من الشرك و قد قال المشرك ﴿مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ﴾ [الزمر:3] فما عبدوا الشركاء لأعيانهم فما أوخذوا إلا لكونهم عبد و هم فإن اللّٰه لا يأمر خلقه و لا يصح أن يأمر خلقه بعبادة مخلوق و يجوز أن يأمرنا بالسجود للمخلوق فمن سجد عبادة لمخلوق عن أمر اللّٰه أو عن غير أمر اللّٰه فقد شقي و من سجد غير عابد لمخلوق فإن كان عن أمر اللّٰه كان طاعة فسعد و إن سجد لمخلوق غير عابد إياه عن غير أمر اللّٰه كانت رهبانية ابتدعها فما رعاها ﴿حَقَّ رِعٰايَتِهٰا﴾ [الحديد:27]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية