﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلاٰئِكَتُهُ﴾ [الأحزاب:43] فعلم عند ذلك ما هو المراد بصلاة الحق فلما فرغ من الصلاة مثل قوله ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ﴾ مع أنه لا يشغله شأن عن شأن و لكن لخلقه أصناف العالم أزمان مخصوصة و أمكنة مخصوصة لا يتعدى بها زمانها و لا مكانها لما سبق في علمه و مشيئته في ذلك فأوحى اللّٰه إليه في تلك الوقفة ما أوحى ثم أمر بالدخول فدخل فرأى عين ما علم لا غير و ما تغيرت عليه صورة اعتقاده ثم فرض عليه في جملة ما أوحى به إليه خمسين صلاة في كل يوم و ليلة فنزل حتى وصل إلى موسى عليه السّلام فسأله موسى عما قيل له و ما فرض عليه فأجابه و قال إن اللّٰه فرض على أمتي خمسين صلاة في كل يوم و ليلة فقال له يا محمد قد تقدمت إلى هذا الأمر قبلك و عرفته ذوقا و تعبت مع أمتي فيه و أني أنصحك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجع ربك و سله التخفيف فراجع ربه فترك له عشرا فأخبر موسى بما ترك له ربه فقال له موسى راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فترك له عشرا فأخبر موسى فقال له راجع ربك فراجعه فقال له ربه هي خمس و هي خمسون ما يبدل القول لدي فأخبر موسى فقال راجع ربك فقال إني أستحي من ربي و قد قال لي كذا و كذا ثم ودعه و انصرف و نزل إلى الأرض قبل طلوع الفجر فنزل بالحجر فطاف و مشى إلى بيته فلما أصبح ذكر ذلك للناس فالمؤمن به صدقه و غير المؤمن به كذبه و الشاك ارتاب فيه ثم أخبرهم بحديث القافلة و بالشخص الذي كان يتوضأ و إذا بالقافلة قد وصلت كما قال فسألوا الشخص فأخبرهم بقلب القدح كما أخبرهم رسول اللّٰه ﷺ و سأله من حضر من المكذبين ممن رأى بيت المقدس أن يصفه لهم و لم يكن رأى منه ﷺ إلا قدر ما مشى فيه و حيث صلى فرفعه اللّٰه له حتى نظر إليه فأخذ ينعته للحاضرين فما أنكروا من نعته شيئا و لو كان الإسراء بروحه و تكون رؤيا رآها كما يراه النائم في نومه ما أنكره أحد و لا نازعه و إنما أنكروا عليه كونه أعلمهم أن الإسراء كان بجسمه في هذه المواطن كلها و له ﷺ أربعة و ثلاثون مرة الذي أسرى به منها إسراء واحد بجسمه و الباقي بروحه رؤيا رآها و أما الأولياء فلهم إسراءات روحانية برزخية يشاهدون فيها معاني متجسدة في صور محسوسة للخيال يعطون العلم بما تتضمنه تلك الصور من المعاني و لهم الإسراء في الأرض و في الهواء غير أنهم ليست لهم قدم محسوسة في السماء و بهذا زاد على الجماعة رسول اللّٰه ﷺ بإسراء الجسم و اختراق السموات و الأفلاك حسا و قطع مسافات حقيقية محسوسة و ذلك كله لورثته معنى لا حسا من السموات فما فوقها فلنذكر من إسراء أهل اللّٰه ما أشهدني اللّٰه خاصة من ذلك فإن إسراءاتهم تختلف لأنها معان متجسدة بخلاف الإسراء المحسوس فمعارج الأولياء معارج أرواح و رؤية قلوب و صور برزخيات و معان متجسدات فمما شهدته من ذلك و قد ذكرناه في كتابنا المسمى بالإسراء و ترتيب الرحلة
أ لم تر أن اللّٰه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية