﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] فأتى بلفظ النكرة و ما خص شيئا ثابتا من شيء موجود لأنها قبلت شيئية الوجود على الحال التي كانت عليها في شيئية الثبوت و قد أعلمنا اللّٰه أنه خاطبها في حال عدمها و إنها امتثلت أمره عند توجه الخطاب فبادرت إلى امتثال ما أمرها به فلو لا أنها منعوتة في حال عدمها بالنعوت التي لها في حال وجودها ما وصفها الحق بما وصفها به من ذلك و هو الصادق المخبر بحقائق الأشياء على ما هي عليه فما ظهرت أعيان الموجودات إلا بالحال التي كانت عليها في حال العدم فما استفادت إلا الوجود من حيث أعيانها و من حيث ما به بقاؤها فكل ما هي عليه الأعيان القائمة بأنفسها ذاتي لها و إن تغيرت عليها الأعراض بالأمثال و الأضداد إلا إن حكمها في حال عدمها ليس حكمها في حال وجودها من حيث أمر ما و ذلك لأن حكمها في حال عدمها ذاتي لها ليس للحق فيها حكم و لو كان لم يكن لها العدم صفة ذاتية فلا تزال الممكنات في حال عدمها ناظرة إلى الحق بما هي عليه من الأحوال لا يتبدل عليها حال حتى تتصف بالوجود فتتغير عليها الأحوال للعدم الذي يسرع إلى ما به بقاء العين و ليست كذلك في حال العدم فإنه لا يتغير عليها شيء في حال العدم بل الأمر الذي هي عليه في نفسها ثابت إذ لو زال لم تزل إلا إلى الوجود و لا يزول إلى الوجود إلا إذا اتصف العين القائم به هذا الممكن الخاص بالوجود فالأمر بين وجود و عدم في أعيان ثابتة على أحوال خاصة فإذا حققت هذا الذي أبرزناه إليك علمت الخلق و الخالق و ما ينبغي للخلق أن تكون عليه من الحكم و ما ينبغي للخالق أن يوصف به فإنه ليس كمثله شيء و
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية