و هو هنا ما يخطر لمن نظر في توحيد اللّٰه من طلب ماهيته و حقيقته و هو معرفة ذاته التي ما تعرف و حجر التفكر فيها لعظيم قدرها و عدم المناسبة بينها و بين ما يتوهم أن يكون دليلا عليها فلا يتصورها وهم و لا يقيدها عقل بل لها الجلال و التعظيم بل لا يجوز أن تطلب بما كما طلب فرعون فأخطأ في السؤال و لهذا عدل موسى عليه السّلام عن جواب سؤاله لأن السؤال إذا كان خطأ لا يلزم الجواب عنه و كان مجلس عامة فلذلك تكلم موسى بما تكلم به و رأى فرعون أنه ما أجابه على حد ما سأل لأنه تخيل أن سؤاله ذلك متوجه و ما علم إن ذات الحق تعالى لا تدخل تحت مطلب ما و إنما تدخل تحت مطلب هل و هل سؤال عن وجود المسئول عنه هل هو متحقق أم لا فقال فرعون و قد علم ما وقع فيه من الجهل إشغالا للحاضرين لئلا يتفطنوا لذلك ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [الشعراء:27] و لو لا ما علم الحق فرعون ما أثبت في هذا الكلام أنه أرسله مرسل و أنه ما جاء من نفسه لأنه دعا إلى غيره و كذا نسبه فرعون إلى ما كان عليه موسى فوصفه بأنه مجنون أي مستور عنكم فلا تعرفونه فعرفه موسى بجوابه إياه و ما عرفه الحاضرون كما عرفه علماء السحرة و ما عرفه الجاهلون بالسحر و بقيت تلك الخميرة عند فرعون يختمر بها عجين طينته و ما ظهر حكمها و لا اختمر عجينه إلا في الوقت الذي قال فيه آمنت بالذي
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية