[نشأة عالم الجان]
و حين جاء وقت إنشاء عالم الجان توجه من الأمناء الذين في الفلك الأول من الملائكة ثلاثة ثم أخذوا من نوابهم من السماء الثانية ما يحتاجون إليه منهم في هذا النشء ثم نزلوا إلى السموات فأخذوا من النواب اثنين من السماء الثانية و السادسة من هناك و نزلوا إلى الأركان فهيئوا المحل و اتبعتهم ثلاثة أخر من الأمناء و أخذوا من الثانية ما يحتاجون إليه من نوابهم ثم نزلوا إلى السماء الثالثة و الخامسة من هناك فأخذوا ملكين و مروا بالسماء السادسة فأخذوا نائبا آخر من الملائكة و نزلوا إلى الأركان ليكملوا التسوية فنزلت الستة الباقية و أخذت ما بقي من النواب في السماء الثانية و في السموات فاجتمع الكل على تسوية هذه النشأة بإذن العليم الحكيم فلما تمت نشأته و استقامت بنيته توجه الروح من عالم الأمر فنفخ في تلك الصورة روحا سرت فيه بوجودها الحياة فقام ناطقا بالحمد و الثناء لمن أوجده جبلة جبل عليها و في نفسه عزة و عظمة لا يعرف سببها و لا على من يعتز بها إذ لم يكن ثم مخلوق آخر من عالم الطبائع سواه فبقي عابدا لربه مصرا على عزته متواضعا لربوبية موجدة بما يعرض له مما هو عليه في نشأته إلى أن خلق آدم فلما رأى الجان صورته غلب على واحد منهم اسمه الحارث بغض تلك النشأة و تجهم وجهه لرؤية تلك الصورة الآدمية و ظهر ذلك منه لجنسه فعتبوه لذلك لما رأوه عليه من الغم و الحزن لها فلما كان من أمر آدم ما كان أظهر الحارث ما كان يجد في نفسه منه و ﴿أَبىٰ﴾ [البقرة:34] عن امتثال أمر خالقه بالسجود لآدم ﴿وَ اسْتَكْبَرَ﴾ [البقرة:34]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية