(الباب الرابع و الستون و مائة في معرفة مقام التصوف)
فاعلم إن التصوف تشبيه بخالقنا *** لأنه خلق فانظر ترى عجبا
كيف التخلق و المكر الخفي له *** في خلقه و بهذا القدر قد حجبا
و ذمه في صفات الخلق فاعتبروا *** فيه فذا مثل للعقل قد ضربا
إن الحديد إذا ما الصنع يدخله *** في غير منزلة يرده ذهبا
كذلك الخلق المذموم يرجع *** محمودا إذا هو للرحمن قد نسبا
أن التوصف أخلاق مطهرة *** مع الإله فلا تعدل به نسبا
[خلق رسول اللّٰه ص]
قال أهل طريق اللّٰه التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف «و سألت عائشة أم المؤمنين عن خلق رسول اللّٰه ﷺ فقالت كان خلقه القرآن» و إن اللّٰه أثنى عليه بما أعطاه من ذلك فقال ﴿وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [ القلم:4]
[من شرط المنعوت بالتصوف أن يكون حكيما]
و من شرط المنعوت بالتصوف أن يكون حكيما ذا حكمة و إن لم يكن فلا حظ له في هذا اللقب فإنه حكمة كله فإنه أخلاق و هي تحتاج إلى معرفة تامة و عقل راجح و حضور و تمكن قوي من نفسه حتى لا تحكم عليه الأغراض النفسية و ليجعل القرآن أمامه صاحب هذا المقام فينظر إلى ما وصف الحق به نفسه و في أي حالة وصف نفسه بذلك الذي وصف نفسه و مع من صرف ذلك الوصف الذي وصف به نفسه فليقم الصوفي بهذا الوصف بتلك الحال مع ذلك الصنف فأمر التصوف أمر سهل لمن أخذه بهذا الطريق و لا يستنبط لنفسه أحكاما و يخرج عن ميزان الحق في ذلك فإنه من فعل ذلك لحق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية