فكل عبد له صفات سيده ﴿وَ أَنَّهُ لَمّٰا قٰامَ عَبْدُ اللّٰهِ﴾ [الجن:19] فأضافه إليه صفة أي صفته العبودة و اسمه محمد و أحمد و أهل القرآن هم أهل اللّٰه فإنهم موصوفون بصفة اللّٰه و هو القرآن و القرآن أمان فإنه شفاء و رحمة و أمته صلى اللّٰه عليه و سلم من بعث إليهم و أهل بيته من كان موصوفا بصفته فسعد الطالح ببركة الصالح فدخل الكل في رحمة اللّٰه فانظر ما تحت هذه اللفظة من الرحمة الإلهية بأمة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هذا معنى قوله تعالى ﴿وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] و وصف النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بالرحمة فقال ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128] و ما من أحد من الأمة إلا و هو مؤمن بالله و قد بينا فيما تقدم من هذا الكتاب في باب «سلمان منا أهل البيت» فأغنى عن الكلام في أهل البيت طلبا للاختصار
[أهل البيت أمان لأزواج رسول اللّٰه من الوقوع في المخالفات-]
قال تعالى لما وصف و وصى أزواج النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بقوله ﴿وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لاٰ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجٰاهِلِيَّةِ الْأُولىٰ وَ أَقِمْنَ الصَّلاٰةَ وَ آتِينَ الزَّكٰاةَ وَ أَطِعْنَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ﴾ [الأحزاب:33] ثم أعلمهم أن ذلك كله بكونهن أزواجه صلى اللّٰه عليه و سلم حتى لا ينسبن إلى قبيح فيعود ذلك العار على بيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فببركة أهل البيت و ما أراد اللّٰه به من التطهير بقوله ﴿إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [الأحزاب:33] تفعل الأزواج ما أوصيناهن به ﴿وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [الأحزاب:33] من دنس الأقوال المنسوبة إلى الفحش و هو الرجس فإن الرجس هو القذر فكان أهل البيت أمانا لأزواج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من الوقوع في المخالفات التي يعود عارها على أهل البيت
[أهل البيت أمان للمؤمنين و للناس أجمعين]
فكذلك أمة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم لو خلدت في النار لعاد العار و القدح في منصب النبي صلى اللّٰه عليه و سلم و لهذا يقول أهل النار ﴿مٰا لَنٰا لاٰ نَرىٰ رِجٰالاً كُنّٰا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرٰارِ﴾ [ص:62] و هو من دخل النار من أمة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم التي بعث إليها في مشارق الأرض و مغاربها فكما طهر اللّٰه بيت النبوة في الدنيا بما ذكره مما يليق بالدنيا كذلك الذي يليق بالآخرة إنما هو الخروج من النار فلا يبقى في النار موحد ممن بعث إليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بل و لا أحد ممن بعث إليه يبقى شقيا و لو بقي في النار فإنها ترجع عليه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية