﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء:24] من انتقالكم من حال عدم إلى حال وجود فأنتم في الظلمة فيكم و أنتم في الوجود فيه غير أن لكم انتقالات في وجوده و ظلمتكم تستصحبكم لا تفارقكم أبدا ﴿وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهٰارَ فَإِذٰا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾ [يس:37] و لم يقل نجعلهم في ظلمة بل زوال عين النور الذي هو الوجود هو عين كونكم مظلمين أي تبقي أعيانكم لا نور لها أي لا وجود لها و لو لم تكن الظلمة نسبة عدمية و هي كون ذواتكم العينية معدومة لكانت الظلمة من جملة الخلق فكانت الظلمة تستدعي أن تكون في ظلمة و الكلام في تلك الظلمة كالكلام في الأولى و يتسلسل فإن قوله خلق اللّٰه الخلق في ظلمة قد يريد بالخلق هنا المخلوقات و الظلمة إذا كانت أمرا وجوديا فهي مخلوقة فتكون أيضا في ظلمة و إذا كان الخلق هنا مصدرا كأنه قال قدر اللّٰه التقدير في ظلمة أي في غير موجودين يعني تلك الأعيان و انظر في قوله تعالى ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمٰاتٍ ثَلاٰثٍ﴾ [الزمر:6]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية