اجتمع أربعة من الأملاك على الكعبة واحد نازل من السماء و آخر عرج من الأرض السفلي و الثالث جاء من ناحية المشرق و الرابع من ناحية المغرب فسأل كل واحد منهم صاحبه من أين جئت فكلهم قالوا من عند اللّٰه و روينا عن بعض شيوخنا حديثا يرفعه أو يبلغ به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال إن اللّٰه في السماء كما هو في الأرض و إن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فساوى بين العالمين في الطلب و معلوم ما بينهما من التفاوت في العرف
[ذكريات تاريخية و معارف ذوقية]
و اتفق لي في هذا المشهد ذوقا و ذلك أني حملت في يدي شيئا محقرا بحيث يراه الناس ما كان يقتضيه منصبي في الدنيا و هو ذو رائحة خبيثة من هذا السمك المالح فتخيل أصحابي أني حملته مجاهدة لنفسي لعلو منصبي عندهم عن حمل مثل ذلك و قالوا لشيخي ما قصر فلان في مجاهدته فقال حتى نسأله بأي نية حمله فسألني الشيخ بحضور الجماعة و ذكر لي ما ذكروه فقلت لهم أخطأتم في التأويل علي و اللّٰه ما نويت شيئا من ذلك و لكني رأيت اللّٰه على علو قدره ما نزه نفسه عن خلق مثل هذا فأنزه نفسي عن حمله فشكرني الشيخ و تعجب الأصحاب و هو من هذا الباب بل و اللّٰه في حملي إياه شرفي فإنه نظير القدرة في إيجاد عينه و لا فرق عند العارفين بين العالي و الدون المعتاد هذا خلوف فمن الصائم عند اللّٰه أطيب من ريح المسك و أين إدراك الشم من الرائحتين فلا تنظروا في الأشياء المتفاضلة إلا بارتباطها بالحقائق الإلهية و إذا كان هذا نظركم فإنكم لا تحقرون شيئا من العالم فلا تقس اللّٰه و لا تحمله على نفسك و خذ الأشياء على ما تعطيها الحقائق
[ظهور المؤمن في الآخرة بنعيم الكافر في الدنيا و بالعكس]
و أما تحويل ما هو على اليمين إلى الشمال و بالعكس فاعتباره إن صفات السعداء في الدعاء الخشوع و الذلة و هم أهل اليمين في الدنيا فتتحول هذه الصفة على أهل الشمال في الدار الآخرة فكان السعداء أخذوها منهم في الدنيا قال تعالى في حق السعداء ﴿اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاٰتِهِمْ خٰاشِعُونَ﴾ [المؤمنون:2]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية