الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


61. الموقف الواحد والستون

قال تعالى: ﴿وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[يونس: 10/25].

أخبر تعالى: أنه يدعو عباده من إنس وجنّ، في الحال والاستقبال، إلى دار السلام، بمعنى السلامة، وهي الرحمة المحضة العامة، التي تعم العباد كلّهم بعد نهاية الغضب الإلهي، يدعوهم في الحال بألسنة الرسل (عليه السلام) إلى الأعمال والأقوال والاعتقادات الصالحة، التي هي أسباب نيل السلامة بمعنى الرحمة الكاملة الخالصة، من غير أن يقدمها شوب غضب، ويدعوهم في الاستقبال إلى نيلها بالفعل، ثم أخبر تعالى أنه وإن دعا الجميع في الدنيا، بمعنى دعاهم إلى الأعمال، واتباع الرسل فيما أرسلهم به فقد فرّق بينهم بحكمته وإرادته فيهدي من يشاء هدايته، وهم المؤمنون، إلى صراط مستقيم، أي طريق قريب الوصول سهل الممشى إلى السلام، فيصلون إليها من غير مشقّة ولا تقدم غضب، ويضل من يشاء، وهم الكافرون العاصون للرسل (عليه السلام) فلا يصلون إلى الرحمة الكاملة إلاَّ من طريق غير مستقيم بعيد، وبعد نفوذ الغضب الإلهي، وهم الذين قال تعالى في حقهم: ﴿ أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾[فصلت: 41/ 44].

من الرحمة المحضة، إلى الرحمة المحضة، فإنها لا تنالهم إلاَّ بعد حين.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!