
المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف
للأمير عبد القادر الحسني الجزائري
![]() |
![]() |
262. الموقف الثاني و الستون بعد المائتين
قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[الفتح: 48/ 4 و7].
أخبر تعالى أنَّ الجنود التي في الأرض، و الجنود التي في السموات كلّه مملوكة لله وتحت قبضة حكمه وتصرفه. والمراد بالجنود السماوية الأسماء الإلهية، لعلوّ مكانتها؛ والجنود الأرضية مظاهرها. فالكلّ في قبضة الاسم الجامع «الله» وإن تباينت تصرفاتها ومطالبها وما تقتضيه ذواتها. وهذه الجنود تتنازع مع بعضها بعضاً، فتتنازع أسماء الجمال ومظاهرها أسماء الجلال ومظاهرها، كما نازعت الرحمة الغضب وسابقته فغلبته وكانت الدولة لها. وهكذا جميع الجنود التي هي لله، فليس المراد أن لله جنود السموات والأرض، يقابل بها جنود مقابل له معاند، فإن الله لا يقابله شيء يستعين عليه بجنود السموات. والأرض. كيف؟! وقد ذكر السموات والأرض، والذي يقابله على فرض وجوده أين يكون هو وجنوده؟! ولذا تمّم الآية بقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾[الفتح: 7].
«فكان» هنا وفي مثله معراة عن الزمان، بمعنى وجد الله، هو الاسم الجامع الذي له جنود السموات والأرض تحت تصرّفه وفي قبضته، عزيزاً منيع الحمى، غنّياً عن الجنود التي يستعان بها، فإنه لا كفء له، حكيماً فيما حكم به من وجود المنازعة بين جنوده، مع كونها كلّها تحت إرادته أي الاسم «الله».
![]() |
![]() |