الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


115. الموقف الخامس عشر بعد المئة

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ﴾[الرعد: 13/ 28].

الواو، واو الحال، والحال قيد في صاحبها، احترازاً من الذين يذكرون الله ولا تطمئن قلوبهم بذكره، وهم الظالمون العاصون. يجري ذكره تعالى على ألسنتهم من غير حضور ولا تعظيم له تعالى قال تعالى، في بعض الأخبار الإلهية لبعض أنبيائه:

((قل للظالمين لا يذكروني، فإنهم إن ذكروني ذكرتهم باللعن)).

ولقوله: ﴿ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ﴾.

هو وصف لمن أناب على إرادة كل من اتصف بهذا الوصف، وهو الرجوع من الخلق إلى النفس، ومن النفس إلى الحق تعالى وهو إيمان خاص، أي آمنوا وصدقوا بأنه تعالى يذكرهم إذا ذكروه، لقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾[البقرة: 2/152].

((إذا ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي))

فهؤلاء تطمئن قلوبهم، وتأنس وتسكن من ألم الاشتياق وحرقة الحب وقلقه بذكر الله إياهم، لا بذكرهم إياه، ثم نبه تعالى: أنه لا يحق الاطمئنان، ولا ينبغي السكون والإيناس إلاَّ بذكر الله تعالى لعبده ، فإنه المنقبة العظمى والمرتبة الزلفى كما قال تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾[العنكبوت: 29/ 45].

أي ذكر الله تعالى عبده أكبر وأعظم من ذكر العبد ربّه في صلاته وسائر تقرباته، من حيث أنَّ ذلك أصح دليل على القرب والقبول.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!