الفتوحات المكية

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يستلزمه. فلذلك قبِل النَّفَس الإلهي صور العالم «15». فهو «1» لها كالجوهر الهيولاني، وليس إلا عين الطبيعة. فالعناصر «2» صورة من صور الطبيعة «3». وما فوق العناصر وما تولد عنها فهو أيضاً من صور الطبيعة وهي الأرواح العلوية التي فوق السموات السبع. وأما أرواح السموات السبع وأعيانها فهي عنصرية «16»، فإنها من دخان‏ «4» العناصر المتولد عنها، وما تكوَّن‏ «5» عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون ومَنْ فوقهم طبيعيون: ولهذا وصفهم الله بالاختصام- أعني الملأ الأعلى- لأن الطبيعة متقابلة، والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النِّسَب، إنما أعطاه النَّفَس. أ لا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغِنَى عن العالمين؟. فلهذا أُخْرِجَ العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النَّفَس الإلهي «17». فبما فيه من الحرارة علا، وبما فيه من البرودة والرطوبة سَفُلَ، وبما فيه من اليبوسة ثبت ولم يتزلزل. فالرسوب للبرودة والرطوبة. ألا ترى الطبيب إذا أراد سَقْيَ دواء لأحد ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه راساً علم أن النضج قد كمل فيسقيه الدواء ليسرع في النجح‏ «6».

وإنما يرسب لرطوبته‏ «7» وبرودته الطبيعية. ثم إن هذا الشخص الإنساني عَجَنَ‏ «8» طينته بيديه وهما متقابلتان وإن كانت كلتا يديه يميناً «18» «9»، فلا خفاء بما بينهما من الفرقان، ولو لم يكن‏ «10» إلا كونهما اثنين أعني يدين، لأنه لا يؤثر في الطبيعة إلا ما «11» يناسبها وهي متقابلة. فجاء باليدين: ولما أوجده باليدين سماه بَشَراً للمباشرة اللائقة بذلك الجناب «19» باليدين المضافتين إليه. وجعل ذلك من‏


(1) ا: فهي‏

(2) ب: ساقط

(3) ب: ساقط

(4) إشارة إلى قوله تعالى: «ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ وهِيَ دُخانٌ»

(5) ا: يكون بالياء

(6) ن: النضج‏

(7) ب: من قوله «لرطوبته» إلى قوله «بيديه» ساقطة في ب‏

(8) أي االله‏

(9) ا: يمين‏

(10) أي الفرقان‏

(11) ن: ما كان‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!