اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[تكوين جسم عيسى]


ولما قال أهل الطبيعة إن ماء المرأة لا يتكون منه شيء وإن الجنين الكائن في الرحم إنما هو من ماء الرجل لذلك جعلنا تكوين جسم عيسى تكوينا آخر وإن كان تدبيره في الرحم تدبير أجسام البنين فإن كان من ماء المرأة إذ تمثل لها الروح بَشَراً سَوِيًّا أو كان عن نفخ بغير ماء فعلى كل وجه هو جسم رابع مغاير في النشء غيره من أجسام النوع ولذلك قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى أي صفة نشء عيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرابٍ الضمير يعود على آدم ووقع الشبه في خلقه من غير أب أي صفة نشئه صفة نشء آدم إلا أن آدم خلقه من تراب ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ ثم إن عيسى على ما قيل لم يلبث في بطن مريم لبث البنين المعتاد لأنه أسرع إليه التكوين لما أراد الله أن يجعله آية ويرد به على الطبيعيين حيث حكموا على الطبيعة بما أعطتهم من العادة لا بما تقتضيه مما أودع الله فيها من الأسرار والتكوينات العجيبة ولقد أنصف بعض حذاق هذا الشأن الطبيعة فقال لا نعلم منها إلا ما أعطتنا خاصة وفيها ما لا نعلم
