اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[صراط العزة]
وأما صراط العزة وهو قوله تعالى إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ فاعلم أن هذا صراط التنزيه فلا يناله ذوقا إلا من نزه نفسه أن يكون ربا أو سيدا من وجه ما أو من كل وجه وهذا عزيز فإن الإنسان يغفل ويسهو وينسى ويقول أنا ويرى لنفسه مرتبة سيادة في وقت غفلته على غيره من العباد فإذ ولا بد من هذا فليجتهد أن يكون عند الموت عبدا محضا ليس فيه شيء من السيادة على أحد من المخلوقين ويرى نفسه فقيرة إلى كل شيء من العالم من حيث إنه عين الحق من خلف حجاب الاسم الذي قال الله فيه لمن لا علم له بالأمر قُلْ سَمُّوهُمْ ولما كان الإنسان فقيرا بالذات احتجب الله له بالأسباب وجعل نظر هذا العبد إليها وهو من ورائها فأثبتها عينا ونفاها حكما مثل قوله تعالى لمحمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى ثم أعقب هذه الآية بقوله ولِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً فجعل ذلك بلاء أي اختبارا وهذا الصراط العزيز الذي ليس لمخلوق قدم في العلم به فإنه صراط الله الذي عليه ينزل إلى خلقنا وعليه يكون معنا أينما كنا وعليه نزل من العرش إلى السماء الدنيا وإلى الأرض وهو قوله