اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[ما من صنعة ولا مرتبة إلا والوزن حاكم عليه علما وعملا]
فاعلم أنه ما من صنعة ولا مرتبة ولا حال ولا مقام إلا والوزن حاكم عليه علما وعملا فللمعاني ميزان بيد العقل يسمى المنطق يحوي على كفتين تسمى المقدمتين وللكلام ميزان يسمى النحو يوزن به الألفاظ لتحقيق المعاني التي تدل عليه ألفاظ ذلك اللسان ولكل ذي لسان ميزان وهو المقدار المعلوم الذي قرنه الله بإنزال الأرزاق فقال وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ولكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ وقد خلق جسد الإنسان على صورة الميزان وجعل كفتيه يمينه وشماله وجعل لسانه قائمة ذاته فهو لأي جانب مال وقرن الله السعادة باليمين وقرن الشقاء بالشمال وجعل الميزان الذي يوزن به الأعمال على شكل القبان ولهذا وصف بالثقل والخفة ليجمع بين الميزان العددي وهو قوله تعالى بِحُسْبانٍ وبين ما يوزن بالرطل وذلك لا يكون إلا في القبان فلذلك لم يعين الكفتين بل قال فَأَمَّا من
ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ في حق السعداء وأَمَّا من خَفَّتْ مَوازِينُهُ في حق الأشقياء ولو كان ميزان الكفتين لقال وأما من ثقلت كفة حسناته فهو كذا وأما من ثقلت كفة سيئاته فهو كذا وإنما جعل ميزان الثقل هو عين ميزان الخفة كصورة القبان ولو كان ذا كفتين لو