اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[إن لفظة النفس في اصطلاح القوم على الوجهين]


اعلم أنه لما كان الغالب في اصطلاح القوم بالنفس أنه المعلول من أوصاف العبد اقتصرنا على الكلام فيه خاصة في هذا الباب فإنهم قد يطلقون النفس على اللطيفة الإنسانية وسنومئ في هذا الباب إن شاء الله إلى النفس ولكن بما هي علة لهذا المعلول فاعلم إن لفظة النفس في اصطلاح القوم على الوجهين من عالم البرازخ حتى النفس الكلية لأن البرزخ لا يكون برزخا إلا حتى يكون ذا وجهين لمن هو برزخ بينهما ولا موجود إلا الله وقد جعل ظهور الأشياء عند الأسباب فلا يتمكن وجود المسبب إلا بالسبب فلكل موجود عند سبب وجه إلى سببه ووجه إلى الله فهو برزخ بين السبب وبين الله فأول البرازخ في الأعيان وجود النفس الكلية فإنها وجدت عن العقل والموجد الله فلها وجه إلى سببها ولها وجه إلى الله فهي أول برزخ ظهر فإذا علمت هذا فالنفس التي هي لطيفة العبد المدبرة هذا الجسم لم يظهر لها عين إلا عند تسوية هذا الجسد وتعديله فحينئذ نفخ فيه الحق من روحه فظهرت النفس بين النفخ الإلهي والجسد المسوي ولهذا كان المزاج يؤثر فيها وتفاضلت النفوس فإنه من حيث النفخ الإلهي لا تفاضل وإنما التفاضل في القوابل فلها وجه إلى الطبيعة ووجه إلى الروح الإلهي فجعلناها