اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى حال التجلى بالجيم


من حيث صورها فإنه لا يتمكن لهم ذلك فإنهم في خلوتهم لا بد أن يشاهدوا صور ما تخلوا فيه من جدار وباب وسقف وآلات قام بيت الخلوة منها ووطاء وغطاء ومأكول ومشروب فالصور لا يتمكن له التخلي عنها فلم يبق الهرب إلا مما يطرأ من هذه الصور من الكلام المفهوم لا من الأفعال لأن صاحب الخلوة لو كانت معه الحيوانات لم يزل في خلوة ولا يشغله عن مطلوبه إلا أن يخاف من ضررها كذلك أيضا لو كان في الجدار ميل لخاف من تهدمه وسقوطه عليه فإذا ما اختار التخلي إلا لأجل الكلام الذي تتكلم الناس به فلو فهم ما يتكلم الناس به على الوجه الذي وضعه الحق فيهم لزاد علما بما لم يكن عنده ولو صلى صلاة واحدة أعني ركعة واحدة لما طلب التخلي فإنه إذا سمع قول العبد سمع الله لمن حمده وإن ذلك القول لله لسرت الحقيقة في جميع ما يسمع فكلام الناس كله يفيد العارفين علما بالله ولهذا من كرامات الصالحين أن يسمعهم الله نطق الأشياء فلو لم يفدهم ذلك علما لم يكن ذلك إكراما من الله بهم فمن رزق الفهم عن الله استوت عنده الخلوة والجلوة بل ربما تكون الجلوة أتم في حقه وأعظم فائدة فإنه في كل لحظة يزيد علوما بالله لم تكن عنده