اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
(التوحيد الخامس عشر)
 
	
من نفس الرحمن هو قوله يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ من أَمْرِهِ عَلى من يَشاءُ من عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ هذا توحيد الإنذار وهو توحيد الإنابة استوى في هذا التنزل في التوحيد رسل البشر والمرسلون إليهم فإن الملائكة هي التي نزلت بالإنذار من أجل أمر الله لهم بذلك والروح هنا ما نزلوا به من الإنذار ليحيى بقبوله من قبله من عباده كما تحيي الأجسام بالأرواح فحييت بهذا الروح المنزل رسل البشر فأنذروا به فهذا توحيد عظيم نزل من جبار عظيم بتخويف وتهديد مع لطف خفي في قوله فَاتَّقُونِ أي فاجعلوني وقاية تدفعون بي ما أنذرتكم به هذا لطفه ليس معناه فخافوني لأنه ليس لله وعيد وبطش مطلق شديد ليس فيه شيء من الرحمة واللطف ولهذا قال أبو يزيد وقد سمع قارئا يقرأ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ فقال بطشي أشد فإن بطش المخلوق إذا بطش لا يكون في بطشه شيء من الرحمة بل ربما ما يقدر أن يبلغ في المبطوش به ما في نفسه من الانتقام منه لسرعة موت ذلك الشخص ولما كانت الرحمة منزوعة عن بطشه قال بطشي أشد وسبب ذلك ضيق المخلوق فإنه ما له الاتساع الإلهي وبطش الله وإن كان شديدا  
 
    


 
  
  
  
 