اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الحياء من الله أن لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك]


وإذا كان حال العبد في حيائه من الله في الأول والآخر والأعلى والأدون انحصرت المتوسطات بين هذين الطرفين فكان معصوم الحال محفوظ المقام كالصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فظهرت المنة في الطرفين ليسلم الوسط بينهما وسبب ذلك الحصر فتبين لك بعد ما أوقفتك عليه من الحقائق أن الحياء من الله أن يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك فعم بهذا جميع شعب الايمان وهو مقام يصحبه الأمر والنهي والتكليف فإذا انقضى زمان التكليف كان ينبغي له أن يزول وليس الأمر كذلك فاعلم أنه من حقيقة وجود الحياء وجود العلم بما يجب لله تعالى وأنت القائم به والمطلوب عقلا وشرعا ومحال أن يقدر مخلوق على الوفاء بما يجب لله تعالى عليه من تعظيمه عقلا وشرعا ولا بد له من لقاء ربه وشهوده ومقامه هذا فالحياء يصحبه في الدنيا والآخرة لأنه لا يزال ذاكرا لما يجب عليه وذاكر العدم قيامه في حق الله بما يجب له وقد ورد في الخبر ما يؤيد هذا أن الحق إذا تجلى لعباده يوم الزور الأعظم ويرفع الحجب عن عباده فإذا نظروا إليه جل جلاله قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك
فهذا الاعتراف أوجبه الحياء من الله عز وجل فالحياء أنطقهم بذلك
