اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[مقاصد الخلوة عند أهل الخلوة]
ومنهم من يأخذ الخلوة لصفاء الفكر ليكون صحيح النظر فيما يطلبه من العلم وهذا لا يكون إلا للذين يأخذون العلم من أفكارهم فهم يتخذون الخلوات لتصحيح ما يطلبونه إذا ظهر لهم بالموازين المنطقية وهو ميزان لطيف أدنى هواء يحركه فيخرجه عن الاستقامة فيتخذون الخلوات ويسدون مجاري الأهواء لئلا تؤثر في الميزان حركة تفسد عليهم صحة المطلوب ومثل هذه الخلوة لا يدخلها أهل الله وإنما لهم الخلوة بالذكر ليس للفكر عليهم سلطان ولا له فيهم أثر وأي صاحب خلوة استنكحه الفكر في خلوته فليخرج ويعلم أنه لا يراد لها وأنه ليس من أهل العلم الإلهي الصحيح إذ لو أراده الله لعلم الفيض الإلهي لحال بينه وبين الفكر ومنهم من يأخذ الخلوة لما غلب عليه من وحشة الأنس بالخلق فيجد انقباضا في نفسه برؤية الخلق حتى أهل بيته حتى أنه ليجد وحشة الحركة فيطلب السكون فيؤديه ذلك إلى اتخاذ الخلوة ومنهم من يتخذ الخلوة لاستحلاء ما يجد فيها من الالتذاذ وهذه كلها أمور معلولة لا تعطي مقاما ولا رتبة وصاحب الخلوة لا ينتظر واردا ولا صورة ولا شهودا وإنما يطلب علما بربه فوقتا يعطيه ذلك في غير مادة ووقتا يعطيه ذلك في مادة ويعطيه العلم بمدلول تلك المادة


