اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الحب الروحاني]


وأما الحب الروحاني فخارج عن هذا الحد وبعيد عن المقدار والشكل وذلك أن القوي الروحانية لها التفات نسبي فمتى عمت النسب في الالتفاتات بين المحب والمحبوب عن نظر أو سماع أو علم كان ذلك الحب فإن نقص ولم تستوف النسب لم يكن حبا ومعنى النسب أن الأرواح التي من شأنها أن تهب وتعطي متوجهة على الأرواح التي من شأنها أن تأخذ وتمسك وتلك تتألم بعدم القبول وهذه تتألم بعدم الفيض وإن كان لا ينعدم إلا أن كونه لم تكمل شروط الاستعداد والزمان سمي ذلك الروح القابل عدم فيض وليس بصحيح فكل واحد من الروحين مستفرغ الطاقة في حب الآخر فمثل هذا الحب إذا تمكن من الحبيبين لم يشك المحب فرقة محبوبه لأنه ليس من عالم الأجسام ولا الأجساد فتقع المفارقة بين الشخصين أو يؤثر فيه القرب المفرط كما فعل في الحب الطبيعي فالمعاني لا تتقيد ولا تتحيز ولا يتخيلها إلا ناقص الفطرة فإنه يصور ما ليس بصورة وهذا هو حب العارفين الذين يمتازون به عن العوام أصحاب الاتحاد فهذا محب أشبه محبوبه في الافتقار لا في الحال والمقدار ولهذا يعرف المحب قدر المحبوب من حيث ما هو محبوب
