اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الإنسان الكامل مستهلك في الحق والحق مستهلك فيه]
وإنما سماه رداء لأنه مشتق من الردي المقصور وهو الهلاك لأنه مستهلك في الحق استهلاكا كليا بحيث أن لا يظهر له وجود عين مع ظهور الانفعالات الإلهية عنه فلا يجد في نفسه حقيقة ينسب بها شيئا من تلك الانفعالات إليه فيكون حقا كله وهوقوله صلى الله عليه وسلم واجعلني نورا
أي يظهر في كل شيء ولا أظهر بشيء وقد يستهلك الحق فيه فلا ينسب بوجوده شيء إلى الحق وهو الوجه الذي اعتمد عليه من أثبت الحق المخلوق به كأبي الحكم بن برجان وسهل بن عبد الله التستري وغيرهما وإليه أشرنا بقولنا
أنا الرداء أنا السر الذي ظهرت *** بي ظلمة الكون إذ صيرتها نورا
فالمرتدي هو الهالك بهذا الرداء فانظر من هو المرتدي فاحكم عليه بأنه مستهلك فيه فتجد حقيقة ما ذكرناه فكل مرتد محجوب بردائه عن إدراك الأبصار قال تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ لأن الرداء يحجب الأبصار عنه ولا يحجبه عنها فهو يدركها ولا تدركه فالأبصار تدرك الرداء والرداء هو الذي استهلك المرتدي فيه بظهوره إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ


