اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[لا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية]


والصفا والمروة صفة جمادية مناسبة للحجارة التي ظهر بترتيبها شكل البيت المخصوص فإنها بذلك الشكل أعطت اسم البيت ولو لا ذلك لم يوجد اسم البيت وقد بينا لك أن الجمادات هي أعرف بالله وأعبد لله من سائر المولدات وإنها خلقت في المعرفة لا عقل لها ولا شهوة ولا تصرف إلا إن صرفت فهي مصرفة بغيرها لا بنفسها ولا مصرف إلا الله فهي مصرفة بتصريف الله والنبات وإن خلق في المعرفة مثلها فإنه نزل عن درجتها بالنمو وطلب الرفعة عليها بنفسه حين كان من أهل التغذي وهو يعطي النمو وطلب الارتفاع والجماد ليس كذلك ليس له العلو في الحركة الطبيعية لكن إذا رقى به إلى العلو وترك مع طبعه طلب السفل وهو حقيقة العبودية والعلو نعت إلهي فإنه هو العلي فالحجر يهرب من مزاحمة الربوبية في العلو فيهبط من خشية الله وبهذا أخبر الله عنه فقال وإِنَّ مِنْها لما ذكر الحجارة لَما يَهْبِطُ من خَشْيَةِ الله فجعل هبوط الطبيعي من خشية فهو منشا من الخشية لله والشهود له ذاتي وإِنَّما يَخْشَى الله من عِبادِهِ الْعُلَماءُ به فمن خشي فقد علم من يخشى وهذا هو مذهب سهل بن عبد الله التستري فلا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية ثم بعدها النباتية ثم بعده