اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الصور العقلية والخيالية والحسية]


مثاله أن لصورة الدار في العقل صورة لطيفة معقولة إذا نظر إليها الخيال صورها بقوته وفصلها وكثفها عن لطافتها في العقل ثم صرف الجوارح في بنائها بجمع اللبن والطين والجص وجميع ما نحيله البناء المهندس فأقامها في الحس صورة كثيفة يشهدها البصر بعد ما كانت معقولة لطيفة تتشكل في أي صورة شاءت فزالت عنها في الحس تلك القوة بما حصل لها من التقييد فتبقى النهار كله مقيدة بتلك الصورة على قدر طول النهار فإن كان النهار لا انقضاء له كيوم الدار الآخرة فتكون الصورة لا ينتهي أمدها وإن كان أنهار ينقضي كيوم الدنيا وأيامها متفاضلة فيوم من أربع وعشرين ساعة ويوم من شهر ويوم من سنة ويوم من ثلاثين سنة ودون ذلك وفوق ذلك فتبقى الصورة مقيدة بتلك المدة طول يومها وهو المعبر عنه بعمرها إلى الأجل المسمى إلى أن يحيى وقت المغرب فيلطف البرزخ صورتها وينقلها من عالم الحس ويؤديها إلى عالم العقل فترجع إلى لطافتها من حيث جاءت هكذا حركة هذا الدولاب الدائر فإن فهمت وعقلت هذه المعاني التي أوضحنا لك أسرارها علمت علم الدنيا وعلم الموت وعلم الآخرة والأزمنة المختصة بكل محل وأحكامها والله يفهمنا وإياك حكمه ويجعلنا ممن ثبت في معرفته قدم