اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[النية واحدة من حيث ذاتها مختلفة ومتعددة من حيث منوياتها]
اعلم أن لمراعاة النيات رجالا على حال مخصوص ونعت خاص أذكرهم إن شاء الله وأذكر أحوالهم والنية لجميع الحركات والسكنات في المكلفين للأعمال كالمطر لما تنبته الأرض فالنية من حيث ذاتها واحدة وتختلف بالمتعلق وهو المنوي فتكون النتيجة بحسب المتعلق به لا بحسبها فإن حظ النية إنما هو القصد للفعل أو تركه وكون ذلك الفعل حسنا أو قبيحا وخيرا أو شرا ما هو من أثر النية وإنما هو من أمر عارض عرض ميزه الشارع وعينه للمكلف فليس للنية أثر البتة من هذا الوجه خاصة كالماء إنما منزلته أن ينزل أو يسبح في الأرض وكون الأرض الميتة تحيا به أو ينهدم بيت العجوز الفقيرة بنزوله ليس ذلك له فتخرج الزهرة الطيبة الريح والمنتنة والثمرة الطيبة والخبيثة من خبث مزاج البقعة أو طيبها أو من خبث البزرة أو طيبها قال تعالى يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ في الْأُكُلِ ثم قال إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فليس للنية في ذلك إلا الإمداد كما قال تعالى يُضِلُّ به كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً يعني المثل المضروب به في القرآن أي بسببه وهو من القرآن فكما كان الماء سببا في ظهور هذه الروائح المختلفة والطعوم