تُبْتُ أي رجعت إلى الحالة التي لم أكن سألتك فيها الرؤية وأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي المصدقين بقولك لَنْ تَرانِي فإنه ما نزل هذا القول ابتداء إلا علي فإنا أول المؤمنين به ثم يتبعني في الايمان به من سمعه إلى يوم القيامة فما ظهر لطالب الرؤية ولا للجبل لأنه لو رآه الجبل أو موسى لثبت ولم يندك ولا صعق فإنه تعالى الوجود فلا يعطي إلا الوجود لأن الخير كله بيديه والوجود هو الخير كله فلما لم يكن مرئيا أثر الصعق والاندكاك وهي أحوال فناء والفناء شبيه بالعدم والحق لا يعدم عدم العين ولكن يكون عنه العدم الإضافي وهو الذهاب والانتقال فينقلك أو يذهبك من حال إلى حال مع وجود عينك في الحالين من مكان إلى مكان مع وجود عينك في كل واحد منهما وبينهما وهو قوله إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ... ويَأْتِ بِآخَرِينَ فالإتيان بصفة القدرة والذهاب بالإرادة من حيث ما هو ذهاب خاصة وهذه التفاصيل في غير مفصل لا يكون وليس من شأن المفصل الوجود فإنا نفصل المعدوم إلى محال وإلى ممكن مع كونه معدوما وبقي الكلام فيمن يفصله والكلام عليه مثل الكلام في الرائي والمرئي وقد تقدم فما ذا نقول أو ما نعول عليه فرأينا أن نترك الأمر على حاله