اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

قرب من اسم إلهي صاحب بعد من اسم آخر لا حكم له فيه في الوقت فإن كان حكم ذلك الاسم الحاكم في الوقت المتصف بالقرب منه يعطي للعبد فوزا من الشقاء وحيازة لسعادته فذلك هو القرب المطلوب عند القوم وهو كل ما يعطي العبد سعادة وإن لم يعط ذلك فليس بقرب عند القوم وإن كان قربا من وجه آخر لا من حيث ما وقع عليه الاصطلاح
أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في هذا الباب أن الله يقول ما تقرب المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا
وقال سبحانه في الخبر الصحيح من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يسعى أتيته هرولة
وقال تعالى وإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وقال في حق الميت ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ ومعناه عندنا لا تميزون يقول تبصرون ولكن لا تعرفون ما تبصرون فكأنكم لا تبصرون

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

اعلم أن القرب من الله على ثلاثة أنحاء
قرب بالنظر في معرفة الله جهد الاستطاعة
أصاب في ذلك أو أخطأ بعد بذل الوسع في الاجتهاد في ذلك فقد يعتقد المجتهد فيما ليس ببرهان أنه برهان فيجازيه الله مجازاة أصحاب البراهين الصحيحة وقد نبه سبحانه على ما يفهم منه ما ذكرناه وهو قوله ومن يَدْعُ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ به وقد رأى بعض العلماء أن الاجتهاد يسوغ في الفروع والأصول فإن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

والنوع الآخر قرب بالعلم
والنوع الثالث قرب بالعمل
وينقسم على قسمين قرب بأداء الواجبات وقرب بالمندوبات في عمل الظاهر والباطن
فأما قرب العلم فأعلاه توحيد الله في الوهته فإنه لا إله إلا هو فإن كان عن شهود لا عن نظر وفكر فهو من أولي العلم الذين ذكرهم الله في قوله شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُولُوا الْعِلْمِ لأن الشهادة إن لم تكن عن شهود وإلا فلا فإن الشهود لا يدخله الريب ولا الشكوك وإن وحده بالدليل الذي أعطاه النظر فما هو من هذه الطائفة المذكورة فإنه ما من صاحب فكر وإن أنتج له علما إلا وقد يخطر له دخل في دليله وشبهة في برهانه يؤديه ذلك إلى التحير والنظر في رد تلك الشبهة فلذلك لا يقوى صاحب النظر في علم ما يعطيه لنظر قوة صاحب الشهود وهذا الصنف إذا قضى الله عليه بدخول النار لأسباب أوجبت له ذلك فهو الذي يخرجه الحق من النار بعد شفاعة الشافعين وأما قرب العمل فهو علم ظاهر وهو ما يتعلق بالجوارح وعلم باطن وهو ما يتعلق بالنفس فأعم الأعمال الباطنة الايمان بالله وما جاء من عنده لقول الرسول لا للعلم بذلك وعمل الايمان يعم جميع الأفعال والتروك فما من