إن القرآن لفي آياته عجب *** آباره تقتضي الأزمان و الأزلا
يدعى صاحب هذه الحضرة عبد الكريم و هو يتبع الجليل و يلازمه قال تعالى ﴿وَ يَبْقىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاٰلِ وَ الْإِكْرٰامِ﴾ [الرحمن:27] و قال تعالى ﴿تَبٰارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاٰلِ وَ الْإِكْرٰامِ﴾ [الرحمن:78] و إنما تبعه من حيث ما يعطيه وضع الجلال و لما كان يعطي النقيضين جاء بالإكرام على الوجهين فإن السامع إذا أخذ الجلال على العظمة أدركه القنوط لعدم الوصول إلى من له العظمة لما يرى نفسه عليه من الاحتقار و البعد عن التفات ما يعطيه مقام العظمة إليه فأزال اللّٰه عن وهمه ذلك الذي تخيله بقوله ﴿وَ الْإِكْرٰامِ﴾ [الرحمن:27] أي و إن كانت له العظمة فإنه يكرم خلقه و ينظر إليهم بجوده و كرمه نزولا منه من هذه العظمة فلما سمع القانط ذلك عظم في نفسه أكثر مما كان عنده أو لا من عظمته و ذلك لأن عظمته الأولى التي كان يعظم بها الحق كانت لعين الحق عن انكسار من العبد و ذلة فلما وصف الحق نفسه بأنه يكرم عباده بنزوله إليهم حصل في نفس المخلوق إن اللّٰه ما اعتنى به هذه العناية إلا و للمخلوق في نفس هذا العظيم ذي الجلال تعظيم فرأى نفسه معظما فلذلك زاد في تعظيم الحق في نفسه إيثارا لجنابه لاعتناء الحق به على عظمته فزاد الحق بالكرم تعظيما في نفس هذا العبد أعظم من العظمة الأولى هذا إذا أخذ الجلال و حمله على العظمة فإن أخذه السامع و حمله على نقيض العظمة فإنه يحصل أيضا في نفسه القنوط لأنه حقير و قد استند إلى مثله فمن أين يأتيه من تكون له منه رفعة و الذي استند إليه جليل فيقول له لسان الصفة و مع هذا فإنه ذو إكرام و الدليل على أنه ذو إكرام امتنانه عليك بوجودك و لم تكن شيئا موجودا و لا مذكورا فلو لا كرمه لبقيت في العدم فكرامته بك في إعطائه الوجود إياك أعز من كرامته بك بعد وجودك بما يمنحك به من نيل أغراضك فيتنبه هذا الناظر في هذا الاسم و حمله على نقيض العظمة و يقول صحيح ما قال من أكرمني بالوجود الخير و حال بيني و بين الشر المحض و هو العدم لا بد أن يكون قادرا على إيجاد ما يسرني و دعه يكون في نفسه ما كان إنما الغرض أن يكون له الاقتدار على تكوين ما أريده منه و ما جعل عنده هذا إلا قوله ﴿وَ الْإِكْرٰامِ﴾ [الرحمن:27] و انظر إلى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية