﴿وَ مٰا يَذَّكَّرُ إِلاّٰ أُولُوا الْأَلْبٰابِ﴾ [البقرة:269] و قوله ﴿وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبٰابِ﴾ [ص:29] و لب الشيء سره و قلبه و ما حجبه إلا صورته الظاهرة فإنها له كالقشر على اللب صورة حجابية عليه لعينه الظاهرة فهو ناس لما هو به عالم و أخفى منه في التشبيه الزهرة مع الثمرة هي الدليل عليها و الحجاب و الحال الإلهي كالحال الكوني لأنه عينه ليس غيره فما شكر إلا نفسه لأنه ما أنعم إلا هو و لا قبل الإنعام و لا أخذه إلا هو فالله المعطي و الآخذ كما قال إن الصدقة تقع بيد الرحمن فإنه ﴿يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ﴾ [التوبة:104] و يد السائل صورة حجابية على يد الرحمن فتقع الصدقة في يد الرحمن قبل وقوعها في يد السائل و إن شئت قلت إن يد السائل هي يد المعطي فيشكر الحق عبده على ذلك الإنعام ليزيده منه «يقول اللّٰه عزَّ وجلَّ جعت فلم تطعمني فطالبه الحال بالتفسير فقال له و كيف تطعم و أنت رب العالمين قال تعالى أما إن فلانا جاع فاستطعمك فلم تطعمه أ ما أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي و كذا جاء في المرض و السقي أي أنا كنت أقبله لا هو و الحديث في صحيح مسلم» و عند هذا القول كان الحق صورة حجابية على العبد و عند الأخذ و العطاء كان العبد صورة حجابية على الحق فإذا شهدت فاعلم كيف تشهد و لمن تشهد و بمن تشهد و على من تشهد فلتشكر على حد شهودك و لتقبل الزيادة و لتعط أيضا الزيادة على شهود و تحقيق وجود و موجب الشكر الإنعام و النعم و أعظم نعمة تكون النكاح لما فيه من إيجاد أعيان الأمثال فإن في ذلك إيجاد النعم الموجدة للشكر و لذلك حبب اللّٰه إليه النساء و قواه على النكاح أعني لرسول اللّٰه ﷺ و أثنى على التبعل و ذم التبتل فحبب النساء إليه لأنهن محل الانفعال لتكوين أتم الصور و هي الصورة الإنسانية التي لا صورة أكمل منها فما كل محل انفعال له هذا الكمال الخاص فلذلك كان حب النساء مما امتن اللّٰه به على رسوله ﷺ حيث حبهن إليه مع قلة أولاده ﷺ فلم يكن المراد إلا عين النكاح مثل نكاح أهل الجنة لمجرد اللذة لا للإنتاج فإن ذلك راجع إلى إبراز ما حوى عليه ﷺ من ذلك و هذا أمر خارج عن مقتضى حب المحل المنفعل فيه التكوين أ لا ترى الحق إن فهمت معاني القرآن كيف جعل الأرض فراشا و كيف خلق آدم منها و جعله محل الانفعال و نطق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية