فإذا أذل حبيبه أدناه من *** أكوانه عينا بعيد عروجه
[من الحضرة الإذلال خلق اللّٰه الخلق]
يدعى صاحبها عبد المذل و هو الذليل و من هذه الحضرة خلق اللّٰه الخلق إلا أنه تعالى لما خلق الإنسان من جملة خلقه خلقه إماما و أعطاه الأسماء و أسجد له الملائكة و جعل له تعليم الملائكة ما جهلوه و لم يزل في شهود خالقه فلم تقم به عزة بل بقي على أصله من الذلة و الافتقار و لما حمل الأمانة عرضا و جرى ما جرى قال هو و زوجه إذ كانت جزءا منه ﴿رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا﴾ [الأعراف:23] بما حملاه من الأمانة ثم إن بنيه اعتزوا لمكانة أبيهم من اللّٰه لما ﴿اِجْتَبٰاهُ رَبُّهُ﴾ [ طه:122] ... ﴿وَ هَدىٰ﴾ [البقرة:97] به من هدى و رجع عليه بالصفة التي كان يعامله بها ابتداء من التقريب و الاعتناء الذي جعله خليفة عنه في خلقه و كمل به و فيه وجود العالم و حصل الصورتين ففاز بالسورتين أعني المنزلتين منزلة العزة بالسجود له و منزلة الذلة بعلمه بنفسه و جهل من جهل من بنيه ما كان عليه أبوه من تحصيل المنزلتين و الظهور بالصفتين فراضهم الاسم المذل من حضرة الإذلال فأخرجهم عن الإدلال بالدال اليابسة و ذلك لمن اعتنى اللّٰه به من بنيه فأشهدهم عبوديتهم فتقربوا إليه بها و لا يصح أن يتقرب إلى اللّٰه إلا بها فإنها لهم ليس لله منها شيء كأبي يزيد و غيره إذ قال له ربه تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار و قال في طرح العزة عنه و قد قال له يا رب كيف أتقرب إليك أو منك فقال له ربه يا أبا يزيد أترك نفسك و تعالى و النفس هنا ما هو عليه من العزة التي حصلت له من رتبة أبيه من خلقه على الصورة و لو علم من يجهل هذا أنه ما من شيء في العالم إلا و له حظ من الصورة الإلهية و العالم كله على الصورة الإلهية و ما فاز الإنسان الكامل إلا بالمجموع لا بكونه جزءا من العالم و منفعلا عن السموات و الأرض من حيث نشأته و مع هذا فهو على الصورة الإلهية كما
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية