﴿لاٰ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:170] عند ما يسمعون و لا يصيبون عند ما يتكلمون فأولئك الذين ﴿مٰا ظَلَمَهُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:117] و ﴿لٰكِنْ كٰانُوا هُمُ الظّٰالِمِينَ﴾ [الزخرف:76] فإنهم ظلموا الحقوق و أهلها فإن لهم قلوبا يعقلون و يفقهون بها و إن لهم أعينا يبصرون بها و إن لهم آذانا يسمعون بها : فأنزلوا نفوسهم منزلة الأنعام بل أضل سبيلا : لأن الأنعام ما جعل اللّٰه لهم هذه القوي التي توجب لصاحب البصر أن يعتبر و لصاحب الأذن أن يعي ما يسمع و لصاحب القلب أن يعقل فهم الذين ﴿يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [آل عمران:191] فيعطيهم التفكر مما سمعوا و أبصروا و تقليب الأحوال عليهم أن يقولوا ﴿رَبَّنٰا مٰا خَلَقْتَ هٰذٰا بٰاطِلاً سُبْحٰانَكَ﴾ [آل عمران:191] فسبحوه إن جعلوه منزها عن إيجاب العلة عليه في خلقه لأنه إذن خلقها لحكمة فكان تلك الحكمة أوجبت الخلق عليه و ما ثم موجب عليه إلا ما يوجبه بنفسه على نفسه لخلقه امتنانا منه لصدق وعده لا غير و تمم التعريف بقوله ﴿فَقِنٰا عَذٰابَ النّٰارِ﴾ [آل عمران:191] و ليست إلا الطبيعة في هذه الدار فإنها محل الانفعال فيها لأنها للحق بمنزلة الأنثى للذكر ففيها يظهر التكوين أعني تكوين كل ما سوى اللّٰه و هي أمر معقول فلما رأى من رأى قوة سلطانها و ما علم إن قوة سلطانها إنما هو في قبولها لما يكونه الحق فيها فنسبوا التكوين لها و أضافوه إليها و نسوا الحق بها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية