﴿فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] يعني ذلك الشيء لأنه فهم عند السماع ما أراد بقوله كن فبادر لفهمه دون غير التكوين من الحالات فما سميت هذه الحركة بالوجد إلا لحصول الوجود عندها أعني وجود الحكم سواء كان بعين أو بلا عين فإنه عين في نفسه هذا الكائن ثم إن الحق أعطى هذه الصفة لعباده و جعل نفسه سامعا و أقام نفسه محلا لتكوين ما يطلبه منه العبد في سؤاله سماه إجابة و جعل ذلك بلفظ الأمر كما جعل ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] ليريه أن الحقائق لا نفسها تكون أحكامها ما هي بجعل جاعل لمن عقل و علم الأمور على ما هي عليه فإن العلم بهذا النوع من العلوم المختزنة عن أكثر الناس بل يحرم كشفها لهم من العارف بها لما يؤدي إلى إنكار الحق مع علمهم بأن المعاني توجب أحكامها لمن قامت به عقلا يريدون أن ذلك لذاتها و لهذا تمكن المتكلم بالرد على من يقول بالإرادة الحادثة لا في محل و أما كلام اللّٰه من الشجرة لموسى فهو عند بعضهم دليل على أن الكلام ينسب لمن خلقه كما تقول الطائفة الأخرى إن السمع تعلق بالمناسب و هو الخطاب من الشجرة و ليس إلا كلام اللّٰه كما قال ﴿فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ﴾ [التوبة:6]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية