لا غيره فآمنوا به بل علموه بكل وجه و في كل صورة و ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [فصلت:54] فلا يرى العارف شيئا إلا فيه فهو ظرف إحاطة لكل شيء و كيف لا يكون و قد نبه على ذلك باسمه الدهر فدخل فيه كل ما سوى اللّٰه فمن رأى شيئا فما رآه إلا فيه و لذلك قال الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّٰه قبله لأنه ما رآه حتى دخل فيه فبالضرورة يرى الحق قبل الشيء بعينه لأنه يرى صدور ذلك الشيء منه فالحق بيت الموجودات كلها لأنه الوجود و قلب العبد بيت الحق لأنه وسعه و لكن قلب المؤمن لا غير
فمن كان بيت الحق فالحق بيته *** فعين وجود الحق عين الكوائن
و ما حاز المؤمن هذه السعة إلا بكونه على صورة العالم و على صورة الحق و كل جزء من العالم ما هو على صورة الحق فمن هنا وصفه الحق بالسعة قال أبو يزيد البسطامي في سعة قلب العارف لو أن العرش يعني ملك اللّٰه و ما حواه من جزئيات العالم و أعيانه مائة ألف ألف مرة لا يريد الحصر و إنما يريد ما لا يتناهى و لا يبلغه المدى فعبر عنه بما دخل في الوجود و يدخل أبدا في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به و ذلك لأن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا و هذا من أبي يزيد توسع على قدر مجلسه لإفهام الحاضرين و أما التحقيق في ذلك أن يقول إن العارف لما وسع الحق قلبه وسع قلبه كل شيء إذ لا يكون شيء إلا عن الحق فلا تتكون صورة شيء إلا في قلبه يعني في قلب ذلك العبد الذي وسع الحق
فهو الهيولى لكل صورة *** من صورة صورة و سورة
و أنت ما بين ذا و هذا *** أقامك الحق فيه سورة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية