و الإنسان في قعوده و قيامه بعد عن أصله الأعظم الذي منه نشأ من أكثر جهاته فإن قعوده و قيامه و ركوعه فروع فإذا جاءه الوارد الإلهي و للوارد الإلهي صفة القيومية و هي في الإنسان من حيث جسميته بحكم العرض و روحه المدبر هو الذي كان يقيمه و يقعده فإذا اشتغل الروح الإنساني المدبر عن تدبيره بما يتلقاه من الوارد الإلهي من العلوم الإلهية لم يبق للجسم من يحفظ عليه قيامه و لا قعوده فرجع إلى أصله و هو لصوقه بالأرض المعبر عنه بالاضطجاع و لو كان على سرير فإن السرير هو المانع له من وصوله إلى التراب فإذا فرغ روحه من ذلك التلقي و صدر الوارد إلى ربه رجع الروح إلى تدبير جسده فأقامه من ضجعته هذا سبب اضطجاع الأنبياء على ظهورهم عند نزول الوحي عليهم و ما سمع قط عن نبي أنه تخبط عند نزول الوحي هذا مع وجود الواسطة في الوحي و هو الملك فكيف إذا كان الوارد برفع الوسائط لا يصح أن يكون منه قط غيبة عن إحساسه و لا يتغير عن حاله الذي هو عليه فإن الوارد الإلهي برفع الوسائط الروحانية يسرى في كلية الإنسان و يأخذ كل عضو بل كل جوهر فرد فيه حظه من ذلك الوارد الإلهي من لطيف و كثيف و لا يشعر بذلك جليسه و لا يتغير عليه من حاله الذي هو عليه من جليسه شيء إن كان يأكل بقي على أكله في حاله أو شربه أو حديثه الذي هو في حديثه فإن ذلك الوارد يعم و هو قوله تعالى ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] فمن كانت أينيته في ذلك الوقت حالة الأكل أو الشرب أو الحديث أو اللعب أو ما كان بقي على حاله
[محاسبة النفس و مراعاة الأنفاس]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية