﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:184] من غير تعيين أيام معينة أما صورة هذه المنازلة من العبد فهي كما قال أبو يزيد في الجلوس مع اللّٰه بلا حال و لا نعت و هو أن يكون العبد في قصده على ما يعلمه اللّٰه لا يعين على اللّٰه شيئا فإنه من عين في قصده على اللّٰه شيئا فلا فرق بينه في الصورة و بين من عبد اللّٰه على حرف فصاحب هذه المنازلة يعبد ربه بتعيين الأوقات لا بتعيينه فهو في حكم وقته و الوقت من اللّٰه لا منه فلا يدري بما ذا يفجأه وقته فغايته أن يكون مهيا لوارد مجهول إلهي يقيمه في أي عبادة شاء فتنتج له تلك العبادة من الحق في منازلته ما لا يناسب ذلك العمل في علمه إلا أنه مناسب لعبادته في ذلك العمل فهو زيادة بالنظر إلى العمل نتيجة بالنظر إلى العبادة فيه و هذا مقام ما وجدنا له ذائقا في علمنا من أهل اللّٰه لأن أكثرهم لا يفرقون بين العبادة و العمل و كل عمل لا يظهر له الشارع تعليلا من جهته فهو تعبد فتكون العبادة في كل عمل غير معلل أظهر منها في العمل المعلل فإن العمل إذا علل ربما أقامت العبد إليه حكمة تلك العلة و إذا لم يعلل لا يقيمه إلى ذلك العمل إلا العبادة المحضة
[العبادة حال ذاتي للإنسان]
و اعلم أن العبادة حال ذاتي للإنسان لا يصح أن يكون لها أجر مخلوق لأنها ليست بمخلوقة أصلا فالأعيان من كل ما سوى اللّٰه مخلوقة موجودة حادثة و العبادة فيها ليست بمخلوقة فإنها لهذه الأعيان أعني أعيان العالم في حال عدمه و في حال وجوده و بها صح له أن يقبل أمر اللّٰه بالتكوين من غير تثبط بل أخبر اللّٰه تعالى أنه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية